الاولوية في سوريا " اطفاء النيران وجلوس الشجعان "
منذ ان بدأ الصراع على الارض السورية والشارع العربي منقسم على نفسه مابين مؤيد للتغيير وداعم للمعارضة المسلحة وبين داعما للنظام السوري هناك , ومازالت الصورة تشوبها عدم الدقة والتيقن لحقيقة الوضع وهذا ناتج عن الحرب الاعلامية القاتمة منذ فترة تعدت الخمس سنوات تقريبا , صحيح ان اعداد القتلى فاق ما كان متوقعا لهذا الصراع اذا ماقورن بما حدث ببعض الدول العربية الاخرى اثناء ثورات الشعوب , ولكن الوضع السوري بكل امانة مختلف تماما ..فاالادوات هنا تختلف عن تلك التي اثرت بالبلدان الاخرى , ففي ليبيا كانت الادوات غربية امريكية بحتة بعملية التغيير حيث كانت الاساطيل تقصف وكذلك الطائرات والدعم الاقليمي المادي بالدرجة الاولى فكانت الضحايا تغطى اعلاميا ويتم التسويق بنفس الوقت لدنو اجل النظام القائم حتى سقطت ليبيا بقوة الاعلام الغربي والعربي الرديف , وبعدها تحقق مراد الدول التي قادت تلك الحرب فحولت ليبيا الى دولة متناثرة الاطراق متنازعة الفصائل وتم فيما بعد الاعلان عن حركة التحرر الجديدة والدولة الديموقراطية التي لاينعم بها مواطنا على حياته !!!! اما مانشاهده ونتلمسه اليوم بما يحدث على الارض السورية فانها حرب في العمق العربي تستهدف نظاما مازال يغذي حركات المقاومة العربية بكل الاقطار وبلا استثناء , نحن في الاردن نرى في القيادة السورية منذ مدة طويلة الدولة الشقيقة والرافد الاقتصادي الهام حيث كان معدل استيرادنا لحاجاتنا المحلية يتعدى 40% من حجم الاستيراد الخارجي ولم تتوقف العملية التجارية حتى باصعب الظروف السابقة والتي مرت بها منطقتنا العربية , فالعلاقة بنيت على الاخوة ووحدة المصير الا ان مستجدات اليوم اضفت على الوضع العام للمواطن العربي الكثير من التساؤلات والتكهنات لما ممكن ان تؤول له حالت الوضع السوري اليوم , فاليوم نشاهد دولة تعاني نتيجة للاطماع الغربية وادواتها في المنطقة بحيث يتزايد عدد اللاجئين والمشردين نتيجة لهذه الحروب القائمة هناك ويزداد وضع المواطن العربي السوري سوءا كلما طالت تلك الحرب , فمن هو الذي يتحمل وزر الاحداث والحروب في سوريا لو كان المقياس الغربي في الحرب السورية كما كان في ليبيا ؟! في ليبيا تكرس اهتمام الغرب على الموارد الليبية والاستيلاء على مقدراتها لدعم جهود الحرب الغربية مستقبلا اما في سوريا فالاهتمام استراتيجي بحت يتمثل بتغيير موازين القوى في المنطقة وان كانت اصلا تميل لاسرائيل , الا ان التقارب المذهل بين سوريا وايران كحليف استراتيجي ومازال للان ودعم حزب الله الجناح اللبناني المقاوم لاسرائيل الهمجية كان لابد من ان تكون الحرب على سوريا كما نراها اليوم , طويلة ومقنعة لدول الاقليم وشعوبها حتى تكون الشرعية ملزمة بمساندة جهود الغرب في هذه الحرب , نعم نحن لانرضى لاخواننا العرب السوريين اي مهانة وظلم كان فبالنهاية نحن واياهم شعب واحد ومصير مشترك تربطنا القومية العربية والمعتقد الاسلامي الفضيل , الا ان الرغبة الغربية بتغيير قواعد اللعبة بمنطقتنا العربية وبالشرق الاوسط كان مخططا له مسبقا بتل ابيب منذ عقود مضت , حيث يقتضي ذالك المخطط بتغيير هيكلية النظام الحاكم في سوريا وجعله اكثر قربا في الانسياق مع السياسات الغربية والقضاء على اخر نظام عربي تربطه علاقات طيبة واستراتيجية مع الشرق وروسيا , لذلك بدا التصعيد الاعلامي الغربي الصهيوني بتاريخ 22/ 10/ 2010 م عندما اعلنت الخارجية الامريكية بأن النظام السوري يشكل حالة عدم استقرار لدول الجوار العربي وكانت بوقتها الامور على الاراضي السورية جيدة لحد ماء , فبدأت الحرب الاعلامية والشحن الاعلامي المسموم يهب بقوة على الدولة السورية مستهدفا المواطن السوري قبل النظام ..وكان ذلك يتزامن مع الاجهاز على النظام الليبي الذي كان قائما بوقتها , فالحرب على سوريا فيما بعد حقيقة حملت نوعين من الاجندة في التغيير اولهما تغيير الفكر الشمولي الذي كان يتمتع به المواطن السوري وتحييده جانبا عن ممارسة دوره كعنصر مهم في المنظومة العربية وكذلك تغيير النظام السوري القومي المقاوم واستبداله بنظام منفصل ومنفصم بنفس الوقت لتحقيق مارب النزعة الاستعمارية الفكرية الجديدة , لذلك عملوا على زيادة دائرة الخلاف بين النظام والشعب هناك من خلال خلق الكثير من الجماعات المتطرفة من ناحية والجماعات المعارضة من ناحية اخرى اضاقة للمعارضة التي كانت موجوده اصلا في سوريا وكانت تطالب بالاصلاح , في هذا الوقت بالذات بدأت الحرب وازدادت سعيرا يوما بعد يوم والسبب انها حرب شاملة هدفها تدمير سوريا قبل تدمير النظام , وبالرجوع لما تقدم من ذكره حول اعداد القتلى المتزايد فالتبرير هو كثرة ادوات الحرب المصنوعة على الارض السورية , وهذا ادى لمزيد من اعداد اللاجئين ببلاد الجوار , وهنا تحاول الكثير من المنظمات الغربية التي لم تنصف يوما قضايا العرب باتهام النظام السوري فقط بمسؤوليته عن حالة الدمار والتخريب وتتناسى ادواتها في المنطقة التي جردت العراق من الامن وكذلك حالة عدم الاستقرار بباقي الدول المجاوره لسوريا , فالعداء التاريخي الصهيوني مازال قائما ولن ينتهي حتى تتحول جميع الدول المجاوره لاسرائيل لملاذ امن للمواطن الصهيوني , من هنا نتمنى ان تستقر الاوضاع وتهدا الصراعات على الاراضي السورية بجهود العرب الافاضل اصحاب الفكر الراقي وليس باصحاب القلوب المهتزة والمتحولة دائما ... , فنعم لوقف القتال ونعم لمحاربة الارهاب قبل الجلوس على طاولات التفاهم فالنظام السوري والشعب السوري وجهان لعملة واحدة ......