تسعيرة المشتقات.. حسب الطلب

الحكومة خالفت كل التوقعات ورفعت أسعار السولار والكاز لزيادة الطلب عليهما؛ في الوقت الذي انخفضت فيه كافة أسعار المحروقات وتراجع النفط عالميا.

أخبار البلد- سلامة الدرعاوي
 

خفضت الحكومة أسعار البنزين بشقيه وسعر اسطوانة الغاز إلى 7 دنانير، في حين رفعت أسعار السولار والكاز، وبحسب تسعيرة شهر تشرين الأول أصبح سعر لتر بنزين ( 90 ) 555 فلسا، فيما اصبح سعر لتر بنزين( 95 ) 720 فلسا، في حين تم رفع سعر لتر السولار والكاز الى 410 فلسا في تسعيرة شهر تشرين اول بعد ان كانت 405 فلسا.

الغريب في الأمر؛ أن الحكومة خالفت لأول مرة المنطق في التعامل مع المشتقات النفطية بأنها من نفس الصنف والمصدر الواحد وهو النفط، وبالتالي فرّقت في التسعيرة بين المنتجات ورفعت السولار والكاز وخفضت البنزين والغاز.

المنطق يفرض على الحكومة إما أن ترفع المحروقات برمتها أو أن تخفضها جميعا، وذلك حسب أسعار النفط العالمية، أما أن ترفع صنفا وتخفض آخر فهذا أمر عجيب غريب.

لن نسأل الحكومة حول كيفية احتساب المعادلة لتسعيرة المشتقات التي ما يزال العلماء يبحثون في أسرارها غير المفهومة لغاية يومنا هذا، وقد يكون هذا الأمر مقصودا، فالحكومة تصرح بأن أسعار المحروقات مرتبط بتطورات الاسعار في بورصات النفط العالمية وفق معادلة تحتسب الخام في سنغافورة مرورا بالخليج وهكذا، والواقع يوضح للجميع أن هذه التسعيرة واحدة من أسرار الحكومة في التحكم بتعرفة المشتقات وفق ما تراه مناسبا حسب متطلبات آخر الشهر ومدى توفر السيولة للخزينة.

ففي الوقت الذي انقسم المواطنون فيه حول اتجهات أسعار المحروقات لهذا الشهر، بسبب التباين الحاد بين توقعات تسعيرة الحكومة، وتراجع أسعار النفط عالميا، حيث هوت بنسب تتجاوز ال10 بالمائة لنفس الفترة، وأمام هذه التقلبات؛ جاءت الحكومة بتسعيرة عجيبة وكأنها تقول للجميع إننا سنلبي كل توقعاتكم وتحليلاتكم، وباتلي رفعت السولار والكاز وخفضت البنزين والغاز.

طبعا واضح ان الحكومة هذه المرة لم تعتمد على المعادلة السعرية للمحروقات التي اعتدنا عليها، وإنما رأت في تزايد الطلب على بعض المشتقات النفطية وسيلة سريعة لجني اموال اضافية تعوضها عن تراجع ايراداتها الضريبية على بعض المشتقات الاخرى، فكان السولار هو ذلك الباب الذي دخلت منه الحكومة لتحقيق غرضها الجبائي بزيادة اسعاره لوحده دون غيره من المشتقات النقطية الرئيسة، لان المواطنين بدأوا فعلا بزيادة استهلاكم من هذه المادة الحيوية، وتعبئة خزاناتهم استعداد لموسم الشتاء الذي تشير محطات الارصاد الجوية الى انه سيكون موسما باردا بشكل استثنائي، ما جعل الحكومة تلتقط تلك الاشارات باستباق انخفاض النفط عالميا، ورفعه على السولا ر الذي سيعوضها بالتأكيد عن أي تراجعات اخرى في اسعار المشتقات الباقية.

بالنسبة لمادة الكاز التي رفعت الحكومة سعرها ايضا فهي مجبرة على ذلك حتى تمنع الخلط بين السولار والكاز، لذلك فهما متلاصقان بالتسعيرة.

سلوك الحكومة هذه المرة كان مكشوفا للغاية، وفيه اعتداء على حقوق المستهلك بالحصول على أسعار محروقات تتناسب مع أسعارها العالمية، وفيه مخالفات صريحة لتعهدات الحكومة بعكس الأسعار العالمية على الاسعار المحلية بشكل عادل، لكن يبدو أن الحكومة تسغل حالة الضعف الرقابي عليها باتخاذ ما تراه مناسباب لتمويل نفقاتها المتزايدة، كما هو حاصل في التعرفة الكهربائية، ففي الوقت الذي استبشر فيه الاردنيون خيرا بانهيار اسعار النفط العالمية لينعكس ذلك على اسعار السلع والخدمات المرتبطة بها، تأتي الحكومة وترفع اسعار الكهرباء بشكل مخالف لكل التوقعات والمنطق الاقتصادي، فمعادلة الحكومة الجديدة للمحروقات ليست مرتبطة بالاسعار العالمية بقدر ما هي مرتبطة بمؤشرات الطلب عليها وحاجة الخزينة للاموال.