يا هنيالك يا هالقط

رغم ان والدي عاش ال18عاما من اوائل عمره تحت الحكم العثماني ، غير اني لم أكن اتخيل حجم الظلم الذي عاناه العرب تحت نير الباب العالي ، الا بعد ان قرأت كتاب (القسطنطينية، المدينة التي اشتهاها العالم) الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية. عندها فهمت مدى معاناة والدي ، وهو يهزج: يا هنيالك يا هالقط يا للي على الحيط تنط مال الميري ما بتدفع ونظامية ما بتحط تخيلوا ان وضع البوادي الحواضر العربية كانت وقت الاستقلال اسوأ بكثير مما كانت عليه قبل الاحتلال العثماني عام 1516و1517، عدا القاهرة التي تمكنت من الانفصال عن الامبرطورية في وقت مبكر، وبنت حضارتها بنفسها في عهد محمد علي ، وكادت ان تصل الى القسطنطينية، لولا تآمر الدول الأوروبية ضدها. وتخيلوا أنه من بين مئات الصدور الأعظم( مثل رئيس الوزراء) لم يكن بينهم صدر اعظم عربي واحد ، ناهيك عن التواجد الضعيف، الى حد الندرة، للعرب في الوظائف الحكومية الكبرى، خلال فترة الإمبرطورية ، رغم ان منصب الصدر الأعظم توزع على الشركس والأرمن والألبان والسلاف واليونان وغيرهم من الجنسيات . كانت الأمبرطورية العثمانية ، كما هي الان ، تنظر الى اوروبا اكثر مما تنظر الى العالم العربي ، وتتجه شمالا وغربا اكثر مما تتجه جنوبا ،رغم طابعها الشرقي الاسلامي. كان الوطن العربي هو سلة الغذاء والمال التي ترفد الإمبرطورية وتغطي ترف السلاطين وانفاقهم الهائل على الحروب والمتع الجسدية والقصور والجواري والطعام والغلمان . قبلت الدولة العثمانية اختراع المدافع والبنادق وما شابهها من ادوات الحرب ، ورفضت الطباعة ، وفضلت عمليات النسخ اليدوي . وهكذا عاش العالم العربي تائها وخائفا ومرعوبا من دوي مدافع الأتراك ، ولم يصح هو وتركيا الا على اصوات مدافع نابليون وهي تدك الإسكندرية. وهكذا ظلمنا الأتراك وظلموا انفسهم معنا ،لأنهم حملوا بطيختين بيد واحدة وحلمين في غفوة واحدة. انكسرت البطيختان ، وضاع الحلمان بين اوروبا والعالم العربي ، مثل حلم حمار بوريدان ، الذي احتار بين اي كومة من التبن يبدأ في الأكل ..كومة الشمال ام كومة الجنوب...الى ان مات جوعا. وتلولحي يا دالية -