تسديد الدين بدين !!


اخبار البلد- سلامة الدرعاوي

احدث أخبار الحكومة الاقتصادية هو ما صرح به وزير المالية قبل عطلة عيد الاضحى المبارك، أن الحكومة تسير وفق خطة موضوعة لتسديد قيمة سندات "يورو بوند" المستحقة عليها في شهر تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل، بقيمة 750 مليون دولار.
الخبر للوهلة الاولى مفرح للاردنيين، فالحكومة تسدد أحد أكبر قروضها دفعة واحدة، ما يعطي انطباعا ايجابيا على توفر السيولة وآداء ايجابي للاقتصاد الوطني يمكنه من التعامل مع ملف المديونية الشائكة بكل مرونة.
سندات "يورو بوند" التي اعلنت الحكومة عن سدادها كانت قد أصدرتها في العام 2010 في الأسواق العالمية لأجل مداه خمس سنوات بفائدة 4 بالمائة تقريبا تستحق مرة واحدة في تشرين ثاني المقبل.
سداد أول سندات "يورو بوند" من قبل الحكومة لم يكن للاسف من ايرادات الخزينة المتأتي من النمو الاقتصادي، أو من خلال اجراءات الجباية التي سلكتها الحكومة في السنوات الثلاث الماضية والتي لم تترك اي باب من ابواب التحصيل الا ونفذته سواء من خلال ازالة الدعم او رفع اسعار الكهرباء او بواسطة زيادة الضرائب والرسوم على عدد كبير من الخدمات والسلع .
الحكومة سددت سندان اليورو بوند البالغة 750 مليون دولار من خلال طرح سندات يورو بوند بقيمة مليار دولار بكفالة الحكومة الامريكية، وقد طرحت هذه السندات ثلاث مرات متتالية بقيمة 1.25 و1.و1 مليار دولار على التوالي، تمت جميعها بفضل الدعم الامريكي السياسي للممكلة، بمعنى ان الحكومة استدانت من الخارج لكي تدفع قرضا مستحقا عليها بصفة عاجلة، وكأن الحكومة تفاجأت أن عليها استحقاق اول سندات يورو بوند حصلت عليها قبل خمس سنوات، ألم تكن تعلم جيدا بموعد الاستحقاق، وتستعد للدفع من خلال توفير إيرادات مالية للسداد بدلا من اللجوء للقروض الخارجية وبالتالي مزيدا من المديونية.
ما قامت به حكومة النسور في سداد اول سندات يورور بوند هو أمر غريب عجيب في الفكر الاقتصادي، فهذه من الحالات النادرة التي يتم فيها سداد دين بدين آخر وزيادة، وهو ما يؤكد على ان الحكومة فعلا وضعت الاقتصاد الوطني بمأزق حقيقي نتيجية نمو المديونية الى مستويات قياسية كبيرة على الاطلاق تجاوزت السقوفات الآمنة والتي تشير آخر إحصاءات الحكومة الرسمية حسب نشرة وزارة المالية لشهر تموز الماضي أن صافي رصيد الدين العام أظهر في نهاية شهر حزيران من العام 2015 ارتفاعاً عن مستواه في نهايـة عام 2014 بمقـدار 831.6 مليون دينار أو ما نسبته 4 بالمائة، ليصل صافي رصيد الدين العام إلى حوالي 21.387.1 مليار دينار أو ما نسبته 78.8% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2015.
وزير المالية في ذات خبر التسديد يبشر الاردنيين ان الحكومة ستصدر سندات "يورو بوند" بالأسواق الخارجية بقيمة 500 مليون دولار خلال شهر تشرين أول من هذا العام، وذلك انسجاما مع استراتيجية الدين العام الهادفة إلى تنويع مصادر تمويل الاحتياجات المالية من القروض الداخلية والخارجية.
نعم لتنويع مصادر التمويل كما يقول الوزير، لكن ليس الاعتماد الكلي على الاقتراض الخارجي الذي بات جزءا كبيرا منه مرتبط باسباب سياسية بحتة، التنويع المطلوب هو تنويع مصادر السداد. بمعنى ان يسد جزء بواسطة قروض خارجية أو داخلية وجزء آخر من إيرادات الدولة الذاتية، أما أن يتم السداد بوسطة الاستداننة فهذا اعوجاج واضح في الفكر الاقتصادي للحكومة، وعجز أكيد في الاعتماد على الذات، وفشل واضح في السياسات الاقتصادية التي تعتمد في كل شي على الخارج، حتى في سداد الديون.