الغش يهدد عرش "فولكس فاغن" ثاني أكبر مُصنّع سيارات بالعالم

اخبار البلد-


تأخذ منتجات شركة السيارات العملاقة "فولكس فاغن" حيزاً مهماً في الشوارع العالمية، من خلال سياراتها المميزة والمحببة بالنسبة لملايين حول العالم، وهو ما أكسبها مكانة مرموقة في مجال هذه الصناعة؛ منذ تأسيس الشركة القابضة عام 1975. لكن "الفضيحة" المدوية التي تعصف بها تهدد عرشها العالمي، وتفقد ثقة الزبائن العالميين والحكومات بالشركة الألمانية التي لديها ثلاث سيارات في قائمة أفضل 10 سيارات الأكثر مبيعاً في كل العصور.

- تحايل على البيئة

اعترفت الشركة الألمانية العملاقة لصناعة السيارات "فولكس فاغن" بأنها تحايلت على اختبارات انبعاثات عوادم سياراتها التي تعمل بوقود الديزل؛ وذلك بعد اكتشاف أمرها في الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفقاً لوكالة حماية البيئة، بيعت بعض السيارات في الولايات المتحدة بعد تزويدها بأجهزة تمكن المحركات من معرفة أوقات اختبار الانبعاثات، ما يجعلها تحسن من أدائها وقت الاختبار من أجل تحسين الأداء لاجتيازه، وكانت فولكس فاغن مندفعة في اتجاه زيادة مبيعاتها من سيارات الديزل في الولايات المتحدة في إطار حملة تسويق حملت شعار "انبعاثات أقل".

وكشفت وكالة حماية البيئة عن أن 482 ألف سيارة زودت بتلك الأداة التي تخدع أجهزة قياس الانبعاثات في الولايات المتحدة وحدها، من بينها سيارات "أودي A3" التي تصنعها فولكس فاغن، طرازات جيتا، وبيتل، وغولف، وباسات.

لكن الشركة اعترفت بوجود حوالي 11 مليون سيارة تحتوي على أجهزة الخداع في جميع أنحاء العالم، أو ما يُعرف بـ"جهاز خداع اختبارات الانبعاثات" أو "defeat device".

- أداة "الفضيحة"

تتوافر بعض التفاصيل البسيطة عن كيفية عمل جهاز خداع اختبارات الانبعاثات، وذلك رغم تأكيد وكالة حماية البيئة أن السيارات المزودة بذلك الجهاز مدعومة ببرمجيات إلكترونية تساعد المحرك على الإحساس بسيناريو اختبار الانبعاثات من خلال رصد السرعة، ووضعية تشغيل المحرك، وضغط الهواء، وحتى وضعية عجلة القيادة.

وعندما تعمل السيارة في ظروف معملية مُراقَبة، وهي التي تتضمن وضع السيارة على منصة اختبارات الانبعاثات في وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة في وضع يشبه وضع "الأمان" في الحاسوب ليبدأ المحرك بالعمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له، ويظهر أداء أضعف من الطبيعي.

وهنا تكون النتيجة الطبيعية أن يصدر المحرك انبعاثات نيتروجين أقل، ولكن ما إن تنطلق السيارة على الطريق، حتى ترتفع نسبة الانبعاثات مرة أخرى.

الشركة اعترفت بالواقعة وقالت إنها طبقت هذه الأداة على قرابة 11 مليون سيارة بيعت حول العالم. ويبدو أن وضع الشركة أصبح حرجاً عقب ظهور تلك الأزمة على السطح، إذ يقول رئيس الشركة في الولايات المتحدة مايكل هورن: "لقد أخطانا خطأ فادحاً".

من جانبه، يقول المدير التفيذي للشركة مارتن فينتركورن: إن "الشركة فقدت ثقة عملائها وثقة الرأي العام، وبدأنا بالفعل تحقيقاً داخلياً".

- خسائر مادية فادحة

حتى الآن خسرت شركة فولكس فاغن حوالي 20 مليار يورو (23 مليار دولار) في ظرف أسبوع واحد، منذ الاثنين الماضي، وذلك من القيمة الدفترية لأسهمها التي هبطت بشكل حاد في بورصة فرانكفورت وفقدت حوالي 35% من قيمتها خلال تعاملات الأسبوع.

ويتوقع خبراء أسواق أن تتواصل خسارة الشركة خلال الأسبوع المقبل، حينما تبدأ التداولات من جديد على أسهمها، وستضاف هذه الخسارة إلى الغرامات المتوقعة في أمريكا وأوروبا وآسيا، والمتوقع لها أن تفوق 20 مليار دولار، وهذا يعني أن خسائر شركة فولكس فاغن التي تعد ثاني أكبر شركة في العالم ومن بين أكثر الشركات نجاحاً، ربما تكون قد تجاوزت حتى الآن 40 مليار دولار، على أساس الغرامة المتوقعة في أمريكا، والتي باتت مؤكدة مع اعتراف رئيسها التنفيذي في أمريكا مايكل هوم بغش البرنامج لأجهزة الفحص.

وهنالك مخاوف واسعة أن تقود هذفاغنه الفضيحة إلى شبه انهيار لمبيعات الشركة خلال العام الجاري. وكانت الشركة قد تمكنت من تحقيق مبيعات بلغت 225 مليار دولار في العام الماضي 2014. وتحركت شركة فولكس فاغن، السبت، لاحتواء الأزمة، حيث أعلنت عن فصل كبار مديريها، بما في ذلك الرئيس التنفيذي، وما يزال مجلس إدارة الشركة منعقداً وسط تكهنات واسعة بأن يُختار ماتيس مولر، الذي يدير حالياً شركة بورشة، رئيساً تنفيذياً جديداً للشركة، بعد الفضيحة التي هزت عرش الصناعة الألمانية.

مسيرة حافلة

اسم "فولكس فاغن" يطلق على صانع السيارات الألمانية ومقرها في فولفسبورغ. أنشئت في عام 1937، وهي السيارات الأكثر مبيعاً وتحمل الاسم نفسه وتنتمي إلى مجموعة فولكس فاغن، الشركة القابضة التي تم إنشاؤها في 1975 كشركة نامية وتمثل الآن ثاني أكبر منتج للسيارات في العالم، بعد تويوتا.

ساهمت الشركة الأم في نشر ثقافة السيارات منذ الحرب العالمية الثانية إذ كانت سيارة الشعب الأولى، وللعلم فإن فولكس فاغن اتخذت هذا الاسم على غرار التكاتف الشعبي، فسميت لهذا باسم "سيارة الشعب"، وتصدرت إيرادات الشركة في محافل كثيرة، وذلك لنمو أعمالها على مستوى العالم، وكانت خريطة الشركة الأم تزيد في التوسع؛ إذ وصلت سيارة "البيتل" الشهيرة للرقم مليون في فترة قياسية تعد هي الأقصر في تاريخ ألمانيا في السبعينات من القرن المنصرم.

توسعت شركة فولكس فاغن لتطال كبرى شركات تصنيع السيارات، فطالت يدها شركة "أودي" العريقة لتصل إلى شركة "لامبورغيني" الغنية عن التعريف، وذلك إثر إفلاس الأخير بسبب التكلفة العالية في التصنيع، ولم تتوان فولكس فاغن عن مد يد العون وشراء الحصة الكبرى من أسهم شركة السيارات الرياضية، فأغلب السيارات الألمانية تقع تحت مظلة فولكس ڤاغن ومن أبرزها شركة "البورشيه" المصنع العريق للسيارات الرياضية.

فهل تكون قضية الغش المكتشفة بداية النهاية لهذا العملاق الألماني، وتكون "غلطة الشاطر بعشرة"، أم أن تاريخها وقوتها سيكونان شفعاء لها أمام الرأي العام والحامي لها من الهبوط؟!!!