ايها المسؤول اتق الله


ان مشكلة البعض من المسؤولين عندنا وهم كثر هي اعتقادهم أنهم خطوط حمراء لا يجوز لأحد الاقتراب منها وختى من بطانتها مهما قالت ومهما فعلت ومهما انتهكت وتمادت, لفيفهم المخادع المزين لهم سوء الفعل ورداءة القول وقبح التصرف شله المزمرين المتكسبين وكما يطلق عليهم البعض المنشار ….كما هو شعورهم النخبوي الذي في كثير من الأحيان يكون زائفاً
لأنَّ النخب التي لا تحترم قواعدها ولا تحرص على سلامتها وكرامتها وقيمها ولا تبادلها حتى التحية وتنظر إليها على أنها همج ورعاع ومراجعين هي بلا أدنى شك نخب مريضة مغرورة لا تستحق حبَّ القواعد ولا احترامها
من هنا فان الدول المتحضرة تولي قياداتها جل اهتمامها وتحرص على اختيار الكفاءات والقدرات والسلوك والتنشئه في كل مجال لان المسؤولية ليست فقط اجتماعات وابواب مغلقه توصيات وقرارات تصدر ولا كتب يذيّلها المسؤول بتوقيعه او ختمه ولا هي ميزة تبيحُ للمسؤول الشخط والخبط و التعدي على حقوق الاخرين واحاسيسهم ومشاعرهم بل هي واجبٌ وطني أخلاقي يحتمُ على صاحب المنصب التحلي بالعدل والحكمة والرصانة والترفع عن سفاسف الأمور ومعالجة الطوارىء برويّة وعقلانية وحنكة بعيداً عن الانفعال والعصبية وسوء التقدير ومتابعه كل صغيرة وكبيرة , لاسيما وأنَّ الانفعال يحرف العقل عن جادة الصواب وينزلق بالمرء إلى ما لا يليق فيفقده احترامه عند الآخرين ويصغّرهُ في أعينهم ويسقطه في نظرهم

وتعالوا معي الى مكاتب الوزراء والمسؤلين ومايجري بداخلها من امور ومايتعرض لها المواطن المراجع دافع الضريبة والمسؤول لايدري عنها ولايشعر بها
اذْ ليس من المعقول أن يجلس المسؤول في مكتبه مكتوف الأيدي أمام ما يتعرض له المواطنون من أخطار وأحداث مؤلمة وهو المعني بحمايتهم ورعايتهم وإدارة شؤونهم. وليس من المنطقي أن يدفعه عارضٌ ما إلى التخلي عن واجبه مهما كان هذا العارض مزعجاً وقاسياً
….فالأمور لا تعالج بإغلاق الأبواب وصم الأذن عن نداءات الناس وإشاحة النظر عن ما يدور في الخارج ولا بتقطيب الحاجبين وسورة الغضب بل على العكس تماماً إن من بديهيات الأمور أن تكون لدى المسؤول رؤية واضحة واستراتيجية مدروسة لمعالجة أي طارئ كَبُر أم صَغُر, وهذا لا يكون إلا بهدوء الأعصاب وضبط النفس والتحلي بسعة الصدر ورجاحة التفكير. وتبادل وجهات النظر مع المعنيين بالأمر والتشاور مع أصحاب الرأي والخبر
أيها المسؤولون الكرام اود ان اقول لكم انتبهوا لبطاناتكم، وتريثوا في الأخذ بآرائها وتعرفوا الى مايدخلونه لكم من امور ومالايدخلونها ، واحذروا مكربعضهم لأنها لاتظهر لكم إلا التملق الأبيض وما يتناسب ومصالحهم ومايتوائم مع رغباتكم وتخفي عنكم الحقيقة التي أنتم معنيون بها، ومن لايصدق منكم فليخرج من مكتبه وليسأل الناس وعندها سيعرف بعض الخفايا التي هو أحوج مايكون لمعرفتها
ولستُ انا ممن يؤمنون بسياسة دفن الرأس في الرمال أو الاختباء وراء الإصبع، ولا أحبُّ التمترس وراء الأوهام وأعتقدُ أنّ المداراة هي الأسلوب الأنجع لتحقيق الأمن الاجتماعي والأخلاقي, ولاأصدّق أنّ المحاباة أصبحت أفضل طريق لنيل الرضا وكسب الود
ولا أحبُّ التمترس وراء الأوهام ولا الاستكانة للأحلام، ولا الانصياع إلى أمثلة اخترعها الخنوع وقواها الجهل ونشرتها ألسنة الضعفاء والجبناء، لتتحول عبر الأيام إلى ثقافة سلوكية في المجتمع تؤهل من يمتلكها الصعود على سلم المناصب لدرجة أنها أصبحت في هذا الزمن الذي انقلبت موازينه وتغيرت معاييره تأشيرة دخول إلى أروقة بعض المسؤولين….. الذين يكرهون الصراحة ويمتعضون من قول كلمة الحق، خاصة إذا كانت هذه الكلمة تمسُّ ممارساتهم أو ممارسات بطاناتهم التي لاتسمعهم إلا المعسول من الكلام و الديباجة التي ترضي غرورهم وتعوض النقص في نفوسهم ( كحاضر سيدي، وأمرك سيدي وافتح الباب وسكر الباب ، ولاتريهم إلا الانحناءات والرجوع إلى الخلف حتى ولو اصطدمت ظهورهم المقوسة بالأبواب الموصدة التي لاتفتح إلا لأمثالهم، فالنقاش في نظر هؤلاء المسؤولين مضيعة للوقت وفقدان للهيبة وانتقاص من القدر وتفريط بالعظمة التي يحرصون على إظهارها في جلوسهم ومشيتهم ونظرتهم واستقبالهم وحديثهم وسلامهم وربما في نومهم وتنفسهم
كيف لا وهم في مرآة أنفسهم الأفهم والأقدر والأطهر والأجدر و..و.. أما الآخرون فينقسمون في هذه المرآة إلى أصناف متعددة كلها أقل منهم شأناً وأضعف بياناً وأوهى عزيمة وأفقر ثقافة الا انها عناكب سامه تلدغ كل من يقترب منها

، لذا فإنّ التعالي عليهم والتكبّر والصلف ضرورة يفرضها التميز الذي وهبه إياهم الله دون سائر خلقه. لماذا كلُّ هذا الغرور؟! ولماذا كل هذه الهالة؟! والعبرة موجودة أمام الجميع فمهما علت الأشجار لن تستطيع بلوغ السماء ومهما طالت الأعمار لابدّ من الفراق، ومن ينظر إلى الكرسي الدوار الذي يجلس عليه يعرف أن دوام الحال من المحال، فماأجمل التواضع، وماأجمل أن يتعامل الناس مع بعضهم مسؤولين ورعية باحترام ومودة وصدق وإخلاص فبالحب والصدق نبني الوطن، وبالاحترام والإخلاص نصونه من الأمراض الداخلية التي لاتقل فتكاً عن أسلحة الطغاة والإرهابيين أعداء الله والإنسانية.. ويبقى أن نقول: التملق والمحاباة لغة الخونة والجبناء الذين لايؤملون لشيء ولا ينفعون في شيء.. وأصدق الناس أكثرهم احتراماً لنفسه وإعزازاً لها
ورحم الله عمر بن علد العزيز اذ قال ان الاسد اذا غاب عن ماسدته اكلتها الذئاب