مكانك سر

كررت الهيئة العليا للاستثمار تجربة مؤسسة تشجيع الاستثمار في النافذة الاستثمارية ونقلت الوزارات والمؤسسات المعنية بالقرارالاستثماري أو المرتبطة به الى مبناها بينما لا تزال المعاملات تتنقل بين مباني هذه المؤسسات في التفاف جديد للبيروقراطية على أيدي مفوضين بصلاحيات منزوعة الدسم.

يضطر طالبي الرخص الى ملاحقة معاملاتهم الخارجة من هيئة الإستثمار في الدوائر المعنية، يتملكهم اعتقاد بأن تمريرها سيحتاج الى دفعات من جانبهم والى واسطات أحيانا، وقبل أن يتسرع المسؤولين في الهيئة بالنفي عليهم أن يسألوا بعض النواب ممن تدخلوا لفك عقدة رخصة هنا او هناك.
بالرغم من حديث الحكومة عن تشجيع الاستثمار عبر وسائل الإعلام لا تزال العراقيل قائمة، لكن ماذا على الهيئة العليا للاستثمار أن تفعل، هل تستمر بالشكوى لانتزاع مزيد من الصلاحيات أم يتعين عليها وضع الحقائق بلا مجاملة أم هل تكتفي بتسيير الأعمال وكفى المؤمنين شر القتال.
ليس المطلوب توفير حماية للمستثمرين بل القصد هو حماية استثماراتهم، إذ يمكن للمستثمر أن يستأجر حراسا من شركات الحماية الخاصة لكن حماية الاستثمار مصنعا كان أم شركة هو واجب الدولة، وكيف يمكنها أن تفعل ذلك بينما نقرأ يوميا أخبارا عن سرقة مياه وكهرباء واعتداءات على محطات ومرافق بقصد السرقة أو التخريب.
حماية الاستثمارات من مثل هذه الممارسات هو واجب الدولة التي يتعين عليها أن تكفل لهم حق الشكوى والحماية من الانتقام المعاكس ومن استمرار التهديد، وكثير من المستثمرين لديهم شكاوى مؤلمة لكنهم يعضون عليها خشية من تمادي المشتكى عليهم، ما داموا لا يرون على الأرض إجراءات تحميهم، وما يحتاجون اليه هو أكثر من مجرد وعود وتعهدات.
نعود هنا الى مربع الأمن والإستقرار وعلاقته بالاستثمار والأعمال، وهي علاقة عكسية، إذ تقول دراسات علمية، أن الفوضى هي العدو الأول للإنتاج، وأن غياب الأمن هو النقيض للاستثمار، ومثال ذلك هو أن جميع الشركات أو المصانع التي تم الاعتداء عليها على مدى الأعوام الماضية لا يفكر أصحابها باستئناف العمل فيها أو ترميمها، بل على العكس فإن أول خطوة اتخذوها هي البحث عن مكان آخر أكثر أمنا.
كالعادة سترد الهيئة بإحصائيات لعدد من المشاريع التي سجلتها، لكن كم منها أصبح عاملا؟ عدد كبير من أصحاب الأعمال قرروا إرجاء القرارات المستقبلية والسبب، انتظار تعديلات مرتقبة على قانون ضريبة الدخل، الذي تأخر كثيرا.