إضاءة على المجموعة الشعرية "أصابع المساء تحترق"
بقلم : صابرين فرعون
تنزاح اللغة الشعرية بالمجمل شَّطر قلوبنا ، تخاطب سُّكْناتنا فتتدفق جرياناً وتنبعث من ألفاظها قوة تسيطر على تماسك النص الشعري وتكوين الصورة الشعرية ، ونسمع صداها في أرواحنا..
اختلفت أدوات الشعر الحديث عن سوابقها وذلك في مواكبة دوران عجلة الزمن السريعة ، واتسعت الدلالات والسيميائيات لتجد طريقها للشعر النثري على سبيل المثال ، فتحرك الحجر الراكد في الماء "النوع التقليدي" من خلال دمج الأساليب المُستحدَثة والمُبتكَرة وتطوير أدوات اللغة ونشوء جدلية الالتزام والتحرر من الوزن والقافية والحفاظ على النسق الموسيقي داخل النص ..
في مجموعتها الشعرية "أصابع المساء تحترق" ، نرى الشاعرة د. نعيمة النجار تنتهج مبدأ التجديد والاستحداث اللغوي ، فتتجلى صورها الشعرية في أسلوب التكثيف والاختزال ، وتقنية التشخيص والرمز والمنعرجات اللونية وإبراز التموجات الداخلية وسيرورة المعنى ..
اهتمت الشاعرة د. نعيمة بخاصية العنونة ، فكان العنوان يشير لبنية المضمون ، وما يحويه من سرد رمزي ، فاشتغلت على إظهار عنصر "الزمكان" كما في العتبة الأولى ، قصيدة "ماضٍ لا يفسر نفسه" ، لإظهار ترابط الزمان والمكان وتواطئهما على الحدث ،
كذلك عنوان المجموعة فيه إشارة للتأثر السردي بالشاعر محمود درويش في قصيدته "تلك صورتها" :
لقد كذب المساء عليه .. الأصابع ظل ذاكرةٍ على الجدران والدم نطفة .. الدروب إليك تحترق.. الدروب إليك تفترق ..
في النطاق الدلالي أيضاً استنطقت الحيوانات ك "النملة ، الحرباءة ، الأفعى والعقرب ..." كانعكاس للواقع بكل رموزه .
المتن النصي يكشف عن إحساس عميق بالكلمة ، فنرى انسجام وملاءمة بين المعنى واللفظ والموسيقى في طيات المشهد الوصفي داخل السرد والتي تدعم الخطاب الشعري ، وهي تتحقق من خلال التأويلات الدلالية ، كما في قصيدة "كان هنا إنسان" :
يسقط حجرٌ في الوحل
يسكن في الطرف
تعلق بأظافره حرباءةٌ ماجنة
الزقاق ملتوٍ
ركودٌ يحركه وهجٌ سامق
يغسل روحه به ...
الشاعرة د. نعيمة حسن من غزة مقيمة في الإمارات العربية المتحدة ، تحمل شهادة الدكتواره في فلسفة التربية ، من إصداراتها : مجموعات شعرية "طقوس الاقتصاص من الرجل" ، "لن أعود إلى ظلك" ، "قبس من امرأة" ، قصص " أنثى لكل زمان" ، أدب الرحلات "أبوظبي ملمس الحرير" ..
شعر "أصابع المساء تحترق" الصادر حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع .