أسعار الأسهم في مستوى حرج

 

 

لم يعد للأساليب الاقتصادية العلمية أهمية في تحليل أوضاع بورصة عمان، ولم يعد للتحليل المنطقي، تأثير يذكر في تشخيص أزمة البورصة، أو في تقبل الحلول والمقترحات الصحيحة، أبحاث ودراسات أنجزت حول هذا الموضوع، من يتحدث عن أحوال بورصة عمان الصعبة التي تعيشها منذ سنوات أصبح كمن ينفخ في قربة مقطوعة، لم يعد بالإمكان تقييم قيمة الأسهم في بورصة عمان بالذهب والدنانير مثلما كان معمولا به قبل سنوات، أما الآن فمع تدني أسعار أسهم ما يزيد على مائة شركة إلى ما دون قيمتها الاسمية بكثير، أي إلى ما دون الدينار للسهم الواحد.

قد يخرج لنا البعض مما اكتنزت به جعبته من ذرائع، ليدعي بأن أزمة بورصة عمان ناتجة عن سوء قرارات المستثمرين بالأسهم ، أو عما تتعرض له المنطقة من أحداث، أو ناتجة عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن حقيقة الحال أن لا هذه الأسباب ولا تلك ، فأزمة بورصة عمان هي ظاهرة محلية تتكرر بشكل دوري منذ عام  2005، وذلك لأسباب تنظيمية محلية، فهذا البعض يجعل من هذه الذرائع مشجباً ليعلق عليه أسباب فشله التنظيمي، حيث أحدث دورة من هذه الأزمات هي التي بدأت في منتصف عام 2008 ولا تزال مستعرة حتى أيامنا هذه، وما يلخص عمق هذه الأزمة هو انخفاض القيمة السوقية للأسهم من 46.5 مليار دينار في شهر تموز2008 إلى 20 مليار دينار في أيامنا هذه، هذا يعني أن المستثمرين في رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة الأردنية قد انكمشت استثماراتهم بل خسروا ما قيمة 26.5 مليار دينار، ورب من يقول بان هذه الخسائر غير متحققة في محاولة لنفي حدوث هذه الخسائر الجسيمة التي تكبدها الاقتصاد الوطني، أما واقع الحال فيثبت بأن الغالبية العظمى من هذه الخسائر قد تحققت فعليا على ارض الواقع، فمن المعلوم أن الخسائر الورقية تتحول إلى خسائر متحققة بمجرد بيع الأسهم الخاسرة، من هنا فإن أحجام التداول الضخمة للأسهم في بورصة عمان بعشرات مليارات الدنانير خلال السنوات الأخيرة ما هي على ارض الواقع إلا ترجمة لتلك الخسائر من خسائر على الورق إلى خسائر متحققة على ارض الواقع، من جهة أخرى فإن الخسائر غير المتحققة في محافظ الأسهم لدى الكثير من الشركات المساهمة العامة والمؤسسات الفردية والمؤسسات والصناديق الاستثمارية العامة، يتم إدراجها كخسائر متحققة في جانب الموجودات ضمن موازناتها السنوية، نتيجة للأخذ بمبدأ القيمة العادلة التي تتطلبها المعايير المحاسبية المحلية والعالمية، وقد وضع هذا الانخفاض الحاد في أسعار الأسهم الكثير من الشركات والمؤسسات التي تتعاطى نشاط تداول الأسهم على شفير الإفلاس.