حروبنا وحروبهم .. دلالة الأسماء والنهايات

لا أعرف حربا بلا نهايات وبلا منتصر ومهزوم إلا حروب الامة العربية التي عادة ما تحمل نهايات مفتوحة بخسارة الطرفين او بوفاة المتحاربين جميعا ، منذ داحس والغبراء وانتهاءً بالحرب في " سوريا واليمن والعراق وليبيا وغزة .... الخ " ، واترك لمن شاء تكملة الفراغ على غرار امتحانات المدارس قبل عقدين او يزيد ، فكل حروبنا الخارجية مملوءة بالحشو الزائد كما بنادقنا التي كانت مملوءة بالفساد في حرب عام 1948 وحرب 1967 وحرب 1973 و2002 و2006 و2008 وما تيسر من حروب . طبعا يسعفنا الموروث الديني واللغوي في اختيار اسماء من العيار الثقيل لحروبنا وحتى لهزائمنا ايضا ، فالرضوان والوعد الصادق وسجّيل كلها اسماء حروب عربية انتهت بالبقاء في نفس البقعة الجغرافية دون التقدم شبرا واحدا ومع ذلك منحناها اوسمة ونياشين والقابا وقلبنا الصمود الافتراضي نصرا بعد ان اعتدنا على خسارة الجغرافيا بعد خسارة التاريخ ، دون الالتفات الى حجم الخسائر البشرية والاقتصادية والنفسية وحتى التنظيمات الارهابية مثل داعش والنصرة تلجأ الى نفس المخزون اللغوي لمنح معاركها مهابة الاسم والدلالة ، دون اي سؤال عن النتائج حتى لو كانت نكبة او نكسة او وكسة . بالمقابل حملت اسماء الحروب عند اعدائنا اسماء ودلالات عميقة ويقول تحليل للسيد فريد إعمر ،الأمريكيون يطلقون على الحروب التي يخوضونها ضد الآخرين أسماء تعبّر في الغالب عن الاعتزاز بالقوة وعن هدفهم من تلك الحرب مثل حرب عاصفة الصحراء التي خاضتها أمريكا ومن معها ضد العراق مطلع عام 1991 م، وحرب " تحرير” العراق 2003 م . الصهاينة أيضاً يطلقون على الحروب والعمليات التي يشنونها ضد الآخرين أسماء تعبر عن القوة وعن الرغبة في إثارة الخوف في نفوس أعدائهم، بالإضافة إلى الأهداف التي يسعون لتحقيقها من وراء تلك الحروب، مثل فاتورة الحساب، عناقيد الغضب، الرصاص المسكوب، سلام الجليل، السور الواقي، جهنم، خلع الضرس ، كلها عمليات لها هدف سياسي وجغرافي في حين كانت الاسماء ذات الدلالة الدينية اكثر عمقا وأثرا . فمثلا عملية عمود السحاب، وهو اسم مأخوذ من ديانتهم، حيث ذُكر في التوراة الموجودة بين أيديهم أن الله سبحانه وتعالى تجلى في عمود سحاب نهاراً وعمود نار ليلاً أمام بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر ليهديهم إلى الطريق الموصلة إلى فلسطين (وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَارًا فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ. لِكَيْ يَمْشُوا نَهَارًا وَلَيْلاً). سفر الخروج،الإصحاح 13 . وأيضاً ذكر في كتابهم عدة صفات لعمود السحاب والعديد من الأفعال التي يرون أنه قام بها لصالح بني إسرائيل مثل ( وَكَانَ عَمُودُ السَّحَابِ إِذَا دَخَلَ مُوسَى الْخَيْمَةَ، يَنْزِلُ وَيَقِفُ عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ. وَيَتَكَلَّمُ الرَّبُّ مَعَ مُوسَى) سفر الخروج،الإصحاح 33 ، الفقرة 9 وهي صفات مارسوها على اطفال غزة دون تنظير واغان واحتفالات . الكاتب عارف البطوش اختزل المشهد بقوله " كل الحروب تنتهي بانتصار أحد الفريقين ... إلا حروبنا تنتهي بموت الجميع " ، فالحرب في الذهنية المهزومة حرب على الذات وحرب على المجموع الذاتي وليس على الآخر ، فلفظة الآخر او الية التعامل معه مفقودة في اذهاننا ولا حل الا بقتله ، مقابل اذعان كامل للضيوف الاجانب حتى لو كان مقدمهم على شكل احتلال ، فصاحب العين الزرقاء والشعر الاشقر يتسحق الوفادة فهو ليس آخرا بأي حال ، الاخر في اذهاننا معرّف بالمخالف لرأينا نحن الحزب او الدولة او القبيلة او اي تجمع ، لذلك كانت حروبنا اهلية حتى لا نُزعج الاخرين ويستطيع اي راغب بإنتاج اية حرب في اية لحظة . - See more at: http://www.addu