افتح يا سمسم

هي كلمة السر الأكثر شهرة في العالم، « افتح يا سمسم «، التي ولدت مع أجمل حكايات الشعوب القديمة والجديدة، «ألف ليلة وليلة»، ويسمّيها الغربيون «الليالي العربية». إنها مفتاح الكهف السحري الذي يضم كنوزاً، ومعها أشهر مصباح سحري في العالم، هو مصباح علاء الدين الذي رافقه في مغامرات عجيبة عبَرَت القارات وانتقلت إلى كل اللغات الحية، مع الحكايات التي تركت تأثيرها على أجيال من كبار الكتّاب الأجانب، من غوته إلى أورهان باموق، لما فيها من فن السرد والبوح الحرّ والخيال المجنّح، والحبكة الرشيقة. لكنّ تأثيرها على الكتّاب العرب كان خجولاً، ربما بسبب الخوف الخفي، الموروث والمتجدد.

 

 

وكانت حكايات «ألف ليلة وليلة» موضوعاً أثيراً في قصص الأطفال، وفي الأفلام السينمائية منذ بدايات السينما الصامتة، وفي عام 1926 قدمت المخرجة والرسامة والكاتبة الألمانية لوتي راينيغر أول وأفضل فيلم كرتون بعنوان «مغامرات الأمير أحمد» في 65 دقيقة، عن قصتين مقتبستين من «ألف ليلة وليلة»، وتواصلت الأفلام المقتبسة منها في السينما العالمية وفي أفلام الأطفال، وصولاً إلى بدايات البث التلفزيوني، الذي تحتاج الساعات الطويلة للبث اليومي فيه إلى برامج الحكايات المسلسلة، منذ بداية العقد السادس من القرن العشرين، وهي فكرة مقتبسة من المجلات والصحف العالمية الشهيرة التي كانت تنشر روايات كبار الكتاب في سلاسل أسبوعية، منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم.

 

 

في العام 1969 انطلق في الولايات المتحدة برنامج تعليمي وترفيهي للصغار بعنوان «شارع سمسم» الذي لقي نجاحاً واسعاً، وتواصلت النسخ الأجنبية المقتبسة منه، ومنها النسخة العربية، التي صدر الجزء الأول منها عام 1979 في الكويت، وتبعه الجزء الثاني عام 1982، بينما صدر الجزء الثالث عام 1989، ولكنه توقف في نهاية صيف 1990، بعد غزو النظام العراقي السابق للكويت، أي بعد بث 44 حلقة منه.

 

 

في عام 2010 ترأست الإعلامية الإماراتية البارزة نورة الكعبي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة توفر 54 فريق عمل أنجز كل المراحل االعملية التحضيرية لإعادة إنتاج «افتح يا سمسم»، وأضافت بذلك مشروعاً حيوياً إلى سلة المشروعات الثقافية في أبو ظبي، مثل مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي وبرنامج «سند» لدعم السينمائيين، وقناة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية، وأكدت نورة الكعبي أنها «واثقة من أن (افتح يا سمسم) بنسخته الجديدة سيكون البديل الأفضل، وسيساهم في تعليم أبنائنا وتعريفهم بتراثنا وثقافتنا».

 

 

ومن المؤسف أن ملايين من الأطفال العرب، ممن نجوا من المحرقة النازية العربية، لن يستطيعوا متابعة «افتح يا سمسم» ، بعدما فقدوا أهلهم وبيوتهم ومدارسهم وأصدقاءهم وشاشاتهم، وصار حلــمهم الأول والأخيــر: كــسرة خبز وشربة ماء.