حين تصل العنصرية الى الحَنَفيّة!

آخر مبتكرات العنصرية في اميركا هو توظيف التكنولوجيا لتحديث العنصرية، والحكاية ببساطة هي أن أحد الفنادق الكبرى تعمل صنابير الماء في حماماته باللمس، وحين جرب رجل أسود أن يغسل يديه لم تنزل من الصنبور قطرة ماء واحدة، ثم شاهد رجل أبيض يغسل يديه، فيما كان الماء يتدفق بغزارة وكرم عنصري!. و حين تقدم الرجل الأسود بدعوة ضد الفندق، قال مديره ان هذا الادعاء غير صحيح، وربما تلاعبت الادارة بالتكنولوجيا العنصرية، فذلك أمر ميسور ولدينا في العالم العربي فنادق ومولات تعمل حماماتها بالطريقة ذاتها، وهي ليست من صناعتنا ككل الادوات التي تتحكم في تفاصيل حياتنا وقد نفاجأ ذات يوم أن الماء يَمتنع عن النزول من الحنفيات لأن اصابعنا سمراء وبالتالي عربية. في البدء لم أصدق ما قرأت، لكن كان علي بعد ذلك ان أصدق ولو كنت مكان ذلك الرجل الاسود لاقترحت على البيض أو «الواسب» الامريكيين أن يتحكموا في الغيوم وبالتالي بالمطر بحيث ينهمر بغزارة في المناطق التي يسكنها البيض، وتتحول الغيوم في المناطق السوداء الى سحابات من غبار ودخان! انه شر البلايا كلّها، وليس شرّ بلّية واحدة، وكنا نتصور أن تلك المرأة السّوداء أو بمعنى ادق الخضراء التي منعت من الجلوس ذات يوم على مقعد في حافلة قد طوت هذا الملف و حذفت اللون والجنس من قائمة الفروق الوهمية بين البشر. لكن ما يحدث في امريكا بين وقت وآخر يجزم بأن الدودة تنهش التفاحة من داخلها وأن الثقافة الفاعلة وشبه السّرية هي عنصرية بامتياز. قبل أكثر من ستين عاماً سأل الفيلسوف سارتر السّود الذين دافع عنهم واعتبر احدهم وهو الشاعر سنغور الذي كان رئيسا للسنغال أورفيوس.. سؤال سارتر كان ما الذي تفعلة بسوادك اذا ولدت أسود اللون! أتصبح ماسح احذية أم شاعرا عظيما أم روائيا يتعلم منه البيض كيف يقرأون العالم؟.. الانسان هو الذي يقرر كيف يواجه شروط ميلاده سواء كان اسود أو امرأة أو فقير !. لكن الثابت العنصري في ثقافة مَنزوعة الدسم الاخلاقي لا يتيح للانسان أن يحقق ذاته لأنه يحدد له رحلته من المهد الى اللّحد، ما خطر ببالي على الفور هو ما الذي كان سيفعله الرئيس اوباما لو ذهب مصادفة الى ذلك الفندق وحاول ان يغسل يديه فوجد الماء يمتنع عن النزول لأن أصابعه غير بيضاء!.