إغلاق قناة اليرموك .. افتئات لا يقبله الأردنيون

في خطوة مفاجئة ودون سابق انذار قامت هيئة الإعلام مصحوبة بالأجهزة الأمنية بإغلاق استوديوهات قناة اليرموك الفضائية في عمان. خطوة متسرعة وغير مفهومه وغير موفقة، وتمثل «انتهاكا صارخا للدستور وما نص عليه من حقوق وحريات .. كما تمثل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان»
لقد تميزت قناة اليرموك بالموضوعية والمهنية .. إلى جانب الرصانة والنبل والخطاب الملتزم.. تتبنى قضايا الأمة و الوطن .. وحرصت على أن تظل صوتا للوطن والمواطن .. ومنبرا محترما لكل القوى السياسية والاجتماعية دون اقصاء او استثناء .. فإن عارضت في برامجها فتعارض الحكومات في بعض سياساتها ولكنها حتما لا تعارض الوطن ..
حرصت قناة اليرموك منذ انطلاقتها على الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها.. فما كان ينبغي لحكومتنا أن تتعاطى مع منبر بهذا الرقي بهذه الكيفية البوليسية. وأن تستثير جملة من المخاوف والتساؤلات:
• هل يأتي إغلاق «قناة اليرموك» في سياق ما اعتاد عليه الأردنيون من قمع للحريات الصحفية والعامة .. أم أنه يأتي في سياق التذكير بالسطوة الرسمية التي مابرحت تعد عليهم أنفاسهم؟
• ألا يقع التضييق على الإعلام وحرية التعبير في إطار الردة عن الإصلاح ؟
• هل انتهت فسحة الانفراج الديمقراطي التي وفرها الربيع العربي والتحرك الإصلاحي في الأردن لنعود إلى «لجم التحول الديمقراطي»، ولجم المعارضة والتضييق عليها، وتأليب الشارع عليها؟
• هل يراد لنا أن نستسلم لفكرة صناعة العدو وشيطنته، وأن نقبل بفكرة أن لا علاج لهذا العدو المفتعل إلا بالاستئصال؟
• هل تقتضي المجاملة الدبلوماسية لبعض قوى الردة الإقليمية كل هذا القمع والتضييق على الحريات؟
• هل حقّا لم تقم القناة باستكمال اجراءات الترخيص القانوني؟
• وإن كان الأمر كذلك كيف نفسر تصريح د. أمجد القاضي رئيس هيئة الإعلام ( في 30/7/2015 ) بأنه «لا نية لهيئة المرئي والمسموع بوقف بث قناة اليرموك، وأنه «ليس من السهل إيقاف اي وسيلة اعلام تم ترخيصها بشكل قانوني»، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
إننا نرى أن المقاربة الحكومية الأمنية لملف «قناة اليرموك» بما تمثله من انتهاك فظ وغير مقبول للحقوق والحريات، ليؤشر إلى انطلاق مرحلة جديدة ونوعية من تكميم الأفواه، ويضيف مفردة خطيرة لحالة الحريات والحقوق التي تتلخص برقابة متزمتة .. وتضييق الخناق على الناشطين .. وتشديد القيود على الحريات العامة وأولها حرية التعبير .. وإجراءات عقابية ظالمة .. واعتداءات على وسائل الإعلام .. وإغلاق «أمني للمنابر لأسباب غير قانونية وغير دستورية!
لقد وجهت الحكومة ضربة موجعة لكل المنجزات الإصلاحية التي تمت على طريق التحول الديمقراطي السلمي المتدرج.. فالذرائع المعلنة لا تبرر إغلاق القناة.. فقد كان يمكن لهيئة الإعلام –إن صحت الأعذار- أن تمنح القناة فرصة كافية لتصويب أوضاعها واستكمال إجراءات ترخيصها.. أما المباغتة والترصد والاحتماء بالأجهزة الأمنية فلها تفسيرات أخرى .. قد يكون منها أنها تطبيق لسياسة ممنهجة لتحجيم المعارضة .. خاصة وأن هذا الإجراء قد تم في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الحكومة عن مسودة أولية لمشروع قانون انتخابي وصف بأنه ( يغادر قانون الصوت الواحد)!
إننا ومن منطلق الوطنية الخالصة ليؤلمنا أن يضحي الأردن بمنجزاته الإصلاحية والديمقراطية، كما يسوؤنا أن تتماهى حكومتنا في مقارباتها مع مقاربات قوى الثورة المضادة في الإقليم التي تستهدف وأد الربيع العربي، ووأد منجزات الإنسان العربي وأشواقه للحرية والكرامة والعيش الكريم!
إن إغلاق قناة اليرموك –بالكيفية والتبرير المقدم– يمثل خروجا صارخا على النهج الأردني التاريخي الرصين التي انتهجته القيادة الأردنية في التعاطي مع الحركة الإسلامية وما تمثله من نهج الوسطية والاعتدال والسلمية.
كما أنه يقتضي التنويه بأن من الصعب على الأردنيين القبول والرضى على أن تأتي الإجراءات والمقاربات الرسمية الأردنية لتتماهى مع ما يجري من مقاربات إقليمية استئصالية للحركة الإسلامية .. فالحركة الإسلامية مكون وطني أصيل من مكونات الدولة الأردنية والنسيج الاجتماعي الأردني يستحيل انتزاعه أو استئصاله أو حتى تهميشه.. فضلا عن أن الأردنيين بطبيعتهم لا يقبلون الظلم والافتئات والاستئصال..
المطلوب .. خطوة إلى الخلف .. ووقفة للتدبر وإعمال الحكمة الأردنية الأصيلة!