بعيدا عن الاستراتيجيات

هذه الخدمة تمكنك من تقييم المقالات دون الحاجة للتعليق وذلك وفقا للتدرج الاتي:: مقبول

اغلاقبعيدا عن الاستراتيجيات التي أصبح ذكرها يثير حساسية لدى الأردنيين وليس الأمل بإيجاد الحلول، فإن واحدة من مشكلاتنا الكبرى البطالة، وهي أم الفقر والتذمر. ومن ثم فإن الحاجة إلى التفكير بوسائل عملية، وأن تكون زاوية التقييم هي عدد الوظائف التي يقدمها أي مشروع لأبناء الأردن أو أبناء المحافظة.
وكل من يتحدث عن صناعة الوظائف يدرك أن المستثمر يبحث عن مصالحه، وأنه لن يذهب إلى أي محافظة إلا إذا تحقق له الربح. وكثير من الاستثمارات لم تذهب الى المحافظات رغم كل التسهيلات، وبعضها ذهب ثم غادر أو فشل. وتجربة المناطق التنموية واحدة من الأدلة الواضحة.
ولعلي هنا أتحدث عن اقتراح محدد له بعد ومنطلق وطني ولا أقول خيري، وقاعدته صندوق يساهم به القطاع الخاص وأهل المال والخير، وربما عوائد الزكاة والتبرعات، وتديره هيئة أهلية من رجال الأعمال والخبراء والحكومة، ومهمته إقامة مشاريع استثمارية صغيرة ومتوسطة في المحافظات والبادية توفر فرص عمل لأبناء كل محافظة، وتكون مشاريع خاصة غير حكومية وتصل الى مناطق يعزف عنها رجل الأعمال العادي.
لا أتحدث عن مشاريع بعشرات الملايين، لكن لو تم فتح مستشفى صغير في محافظة بعيدة وكان الموظفون من أهل المنطقة، فإنه سيقدم الخدمة لمن يريد وفرص العمل. وماذا لو تم فتح سلسلة مخابز أو مطاعم صغيرة ومتوسطة في قرى ومدن بعيدة؟ وماذا لو تم فتح مدارس خاصة في مدن قريبة من القرى، وكان التوظيف لأبناء كل منطقة، أو مدينة ألعاب للأطفال أو سلسلة حضانات أو رياض أطفال أو مصانع ألبان أو مزارع خضار في المحافظات الزراعية؟
أفكار كثيرة يمكن طرحها، وأن تتم عملية تمويل الاستثمار من الصندوق، ثم لا تديره الحكومة بل يتم استثماره بعقلية ربحية لكن من دون جشع. ثم يتم التوسع في الاستثمار والهدف توفير فرص عمل لأبناء المناطق البعيدة والتغلب على مشكلة ضعف الاستثمارات في محافظات مختلفة.
دفعنا مئات الملايين لتقديم معونات، لكن مشكلتنا في كثير مما فعلنا أننا ساعدنا الفقراء لكننا لم نحارب الفقر والبطالة. وهذا لا يعني فشل كل الجهود، لكن المشكلة أكبر مما فعلنا.
القاسم المشترك لكل الهموم البحث عن وظيفة ومصدر رزق. وجوهر الإصلاح الاقتصادي هو نجاحنا في إدخال كل شاب إلى عمل. وما أتحدث عنه من صندوق فكرة كان الحديث عنها في آخر حكومتين، وهناك من يرغب من القطاع الخاص في المساهمة. وإذا تم تبني الأمر ليكون مصدر صناعة استثمارات صغيرة ومتوسطة في المحافظات والبادية ومصدر فرص عمل للشباب، فربما نجسد مساهمة جادة للتعامل مع أم المشاكل.
مساهمات من القطاع الخاص والدولة، وحتى تبرعات وزكاة، كلها مع توعية وإدارة نزيهة قد تجعل الأردن رائدا في ابتكار حلول عملية، لأننا انتظرنا في مراحل مصانع السيارات في المحافظات، ثم لم نجد إلا المؤسسة الرسمية للتوظيف من خلال الفئة الرابعة والشرطة والجيش، فلنذهب إلى الأفكار العملية فأينما دخل المال والعمل خرج التذمر والغضب.
من المؤكد أن الفكرة تحتاج إلى إنضاج ودراسة من أهل الاختصاص والخبرة، وتحتاج إلى أرضية تجعل القطاع الخاص ينفق والمحسن يرى في توفير فرصة عمل أجرا وثوابا وتغييرا لبعض الأدوار في الدور المجتمعي للشركات وغيرها. وما دمنا نعاني من مشكلة كبرى، فلا خيار لنا إلا المبادرة مرة بعد أخرى.