"النسبية" وقانون موحد للنقابات المهنية

المفاجأة التي فجرها رئيس الوزراء د. عبدالله النسور خلال لقائه بمجلس النقباء المهنيين مؤخرا بطلبه منهم رأيهم بقانون موحد للنقابات المهنية، اربكت النقباء إلى درجة أنه لم يكن هناك موقف موحد بخصوص هذا الطرح، مع أنه وحسب ما هو متوقع، أن يكون موقفهم ضد قانون موحد للنقابات، إذ إن النقابات المهنية عاشت سابقا تجربة مماثلة، عندما أعدت حكومة فيصل الفايز (2003-2005) قانونا موحدا لها، وأحالته لمجلس الامة، وووجه برفض نقابي شامل. أما هذه المرة، وبحسب ما رشح عن النقباء، فإن هناك من يؤيد هذا الطرح، وخصوصا أنه متعلق بنظام انتخابي موحد يقوم على أساس التمثيل النسبي.
في السابق، رفضت النقابات المهنية القانون الموحد لأنها اعتبرته خطوة حكومية لتحجيم دورها الوطني والعام. لكن هذه المرة، ومن الردود النقابية خلال اللقاء مع النسور وبعده، يتبين أن هذا الطرح الحكومي الجديد لن يجد نفس شدة وحدة المعارضة السابقة. وإن كان هناك رفض، فلن يكون رفضا موحدا على كل الأحوال لهذا التوجه، وسينطلق من أن لكل نقابة على حدة خصوصية تستدعي أن يكون لها قانون واحد ونظام انتخابي واحد. كما أن الكثير من النقابات لن تعتبره محاولة حكومية لتحجيم الدور الوطني والعام للنقابات الذي هو بالأساس يتراجع، وإنما محاولة لفرض التمثيل النسبي عليها.
هناك قوى كبيرة ومهمة نقابية تدعو وتطالب بالتمثيل النسبي، وحتى تم نقاش ذلك في أكثر من نقابة وعلى رأسها نقابة المهندسين، كبرى النقابات المهنية، وبحسب ما هو معلن عنها (نقابة المهندسين) رسميا، تأييدها للتمثيل النسبي، مع اشتراط أخذ خصوصية الهيئة العامة للنقابة ووجود اكثر من شعبة هندسية بعين الاعتبار. هناك من يعتقد أن بعض القوى النقابية والحزبية، وخصوصا الإسلامية منها التي تسيطر على نقابتي المهندسين والمهندسين الزراعيين، ترفض التمثيل النسبي، من منطلق أنها تعتبره محاولة لتحجيم دورها، وتخفيض حضورها وسيطرتها في المجالس النقابية. ولذلك، فإنها تعارضه. لكن، وبحسب المستجدات النقابية والتغييرات التي حصلت في الواقع النقابي في هذه المرحلة، فإن رفض التمثيل النسبي لن يصمد طويلا، فهذا النظام الانتخابي، مهما كانت الذرائع لرفضه، سيساهم في تفعيل العمل النقابي على كل المستويات ومنها الوطني والعام والمهني، حيث سيدفع بقوى نقابية لها حضور فاعل بالهيئة العامة للمشاركة في المجالس النقابية، علما أن النظام الانتخابي المعتمد حاليا، يستثنيها حتى ولو حصلت على 30-40 % من أصوات الهيئة العامة.
أنا هنا لا أدعو النقابات للموافقة على قانون موحد لها، وإنما أدعوها للعمل من أجل اعتماد نظام التمثيل النسبي في انتخاباتها، لأنه الخيار الأفضل والأنسب للعمل النقابي من وجهة نظري.