مؤسسة ولي العهد وإعلان عمان.. المستقبل حاضراً

قبل اربع سنوات اندلعت ثورات في بعض الدول العربية وبغض النظر عن الاسباب والدوافع الا انها كشفت عن هشاشة العلاقة بين المواطن والحاكم (ان وجدت) وكانت المطالبات بتغيير انظمة الحكم المتهالكة التي كانت تحكم بعيدا عن مطالب وحاجات هذه الشعوب وكان الاعتقاد ان ازالة هذه الانظمة هو الحل ليتبين ان من بين مساوئ هذه الانظمة هو عدم وجود دولة مؤسسات بالمعنى الحقيقي فالمواطن مسخر لخدمة النظام وليس العكس وبمجرد سقوط هذه الانظمة حدث فراغ في كيفية ادارة الدولة. وتبين ان 90% من الذين قادوا وشاركوا في هذه الثورات، هم من الشباب هذه القوة والثروة الكامنة لم يكن يحسب لها حساب وهنا حصل التناحر حول كيفية حكم الدولة واصبحت الدول تنزف اكثر واكثر واصبح الشباب الذي اندفع للمشاركة بالثورة يسأل نفسه ما هو النهج الصحيح لادارة الدولة لان الشباب كانوا مجرد ارقام لا يحسب لهم حساب.

في الاردن كان الامر مختلفا تماما فبالرغم من ان بعض هذه الثورات كانت على حدوده الا انها جاءت اختبارا حقيقيا لمؤسسية نظام الحكم واصبح الاردن هو المحج والملاذ والنموذج. ولم نجد اردنيا يطالب بتطبيق تجربة اي دولة اخرى وانما بعض المطالبات التي تعالج مواطن الخلل هنا وهناك. واصبحت المؤتمرات الدولية والاقليمية تعقد لمساعدة هذه الدول على حل مشاكلها التي تراوحت بين التقسيم او التدخل العسكري او انتقال للسلطة وكان واضحا دور الشباب في الثورات التي لم يحصل بها اقتتال او تلك الدول التي غرقت بالدماء حيث اصبح كل شاب يعتقد ان جماعته هي النموذج لادارة الدولة واصبح هناك هدر وقتل واستغلال لهذه الطاقات ما كان هذا ليحدث لو تم استغلال هذه الثروة بطريقة صحيحة.
في الاردن كان الامر مختلفا حيث ان المورد البشري والشباب تحديدا هو محور الاهتمام. تجلى ذلك منذ قيام الدولة الاردنية (فلنبن هذا البلد ولنخدم هذه الامة) (الانسان اغلى ما نملك), (الاردن اولا) نتيجة لهذه الظروف الحالية تم التركيز على الشباب وعلى المخاطر التي قد يتعرضون لها اكثر من السابق من خلال محورين.
خارجي: تتمثل باستراتيجية واضحة لدور الشباب في بناء الدول او هدمها وعدم اقتصاره على دولة دون اخرى وتجلى ذلك واضحا من خلال ترؤس سمو ولي العهد الامير حسين بن عبدالله الثاني جلسة خاصة لمجلس الامن الدولي لمناقشة دور الشباب في بناء السلام وحل النزاعات ومكافكة الارهاب في نيسان الماضي. وكذلك رعاية سموه المنتدى العالمي للشباب والسلام الذي عقد خلال الفترة (21-22) اب الماضي وانبثق عنه اعلان عمان والذي اكد على اهمية مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات على مستوى الدولة وكذلك المستوى الدولي من خلال المؤسسات الدولية التي تعنى بالسلم والحرب من خلال محاور معينة واليات تنفيذها.
داخلي: انشاء مؤسسة ولي العهد ليكون العمل متكاملا مع المحور الاول. صحيح ان هدف المؤسسة هو المساهمة في اعمال التنمية والبر وتطوير العمل الخيري والاجتماعي والتطوعي وتوفير الدعم اللازم للشباب من خلال العديد من الادوات لكن الهدف الاسمى هو خلق جيل جديد واع فاعل في بناء الدولة لان شاب اليوم هو متخذ او مشارك او متلقي القرار غدا وذلك من خلال الاستماع والتفاعل مع الشباب والتعاون معهم في اقامة المشاريع التي تلبي مطالبهم وطموحاتهم ومعيشتهم بعيدا عن نمطية المؤسسات الاخرى التي تشترك في بعض اهداف مؤسسة ولي العهد الاهم من كل ذلك ان هذه المؤسسة ستكون واحدة من بين العديد من المجالات التي يستطيع من خلالها سمو ولي العهد الامير حسين بن عبدالله الثاني معرفة الاحتياجات الفعلية ومدى اولوية هذه الاحتياجات لجيل الشباب لكل محافظة او لواء او اي تجمع سكاني اذ انه لكل محافظة خصوصية معينة هذا التعايش والمتابعة سوف يوفر دقة اكثر في تحقيق اهداف المؤسسة بعيدا عن الادارة والمتابعة عن بعد من خلال التقارير المكتوبة. وهناك نماذج نجاح على ذلك نذكر نموذجين.
الاول: الجيش العربي الذي يعتبر من افضل الجيوش في المنطقة من حيث الانضباطية والسمعة والاداء داخليا وخارجيا.نجده مدافعا شرسا عن حدود الوطن شهما مضيافا لضيوف الوطن الذين ضاقت عليهم الدنيا.ما كان هذا ليحدث لولا انخراط جلالة الملك عبدالله الثاني في الجيش العربي منذ شبابه.
ثانيا: ما قالته رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر عند زيارتها الاردن ومرافقتها جلالة الملك الحسين رحمه الله خلال زيارته لاحدى المحافظات « لقد عرفت الان لماذا يحب الاردن مليكهم، ان سلامه عليهم وسؤاله عن احوال كل فرد التقاه يؤكد علاقة الود والمحبة والمتابعة بين الملك وشعبه».
واذا كان المستقبل يحمل المخاطر فإن الاهتمام والمشاركة في بناء الشباب على اسس سليمة يعني اننا نطمئن في المستقبل.