(اللوموند): مشكلة تركيا أنّ أردوغان أقوى منها.. (لن ينكسر هو أوّلاً بل بلاده)
وصفت صحيفة اللوموند الفرنسية مشكلة السياسيات التركية الحالية "بالمتعثرة"، في ظل طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكبيرة، قائلة: "لا نستطيع التنبؤ في ظلّ هذا السياق بانتخابات 1 نوفمبر المبكرة، إذا ما حافظت على النتيجة نفسها، أو حسّنت الوضع. ولكن تكمن مشكلة تركيا في أنّ أردوغان أقوى منها: لن ينكسر هو أوّلاً بل بلاده."
وقالت الصحيفة " كشفت "الحرب على الإرهاب” عن أنّها خداع، أولاً دبلوماسي -استعادة النعم الأمريكية بعد الاتّفاق النووي مع إيران من خلال فتح القواعد التركية للطائرات الأمريكية في إطار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية- وثانيا سياسي: حشد الناخبين القوميين، واستبعاد الأكراد المعتدلين في حزب الشعوب الديمقراطي من اللعبة السياسية؛ من أجل محو الهزيمة النسبية للانتخابات التشريعية الّتي عُقدت يوم 7 يونيو فللمرّة الأولى، يفشل حزب العدالة والتنمية -بما في ذلك في منافسة حزب الشعوب الديمقراطي- في الحصول على الأغلبية المطلقة، وأغلبية الثلثين الضرورية للإصلاح الدستوري الّذي يريده الرئيس أردوغان، ومن شأنه تعزيز سلطاته.
وتنوي السلطات التركية عقد انتخابات برلمانية مبكرة في الأول من نوفمبر المقبل لحل مشكلة عدم تمكن الفرقاء الأتراك من تدشين حكومة ائتلافية، جراء الخلاف الكبير بين الاحزاب التركية وعدم تمكن حزب العدالة والتنمية من تدشين حكومة ائتلافية كما السابق في ثلاث انتخابات مضت.
ومضت الصحيفة في تشخيص حالة تركيا في هذه الأيام بقولها " مشى رجب طيب أردوغان على الماء حرفيّا على مدى عقد كامل بين عامي 2002 و2012؛ حيث أوجد شرط نموّ من رقمين حوّل تركيا إلى "نمر” أورو-آسيوي بقواعد متينة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وإفريقيا، كما أنّ أنقرة الّتي أصبحت قاطرة مجموعة الدول الناشئة ستستقبل هذا الخريف القمّة السنوية لمجموعة الـ 20.
وأضافت " تقدّمت دولة القانون -بشكل ملحوظ- في هذه البلاد الّتي عانت من الانقلابات: من أجل الحدّ من نفوذ الجيش، والكمالية العلمانية المتشدّدة، اقترب أردوغان من أوروبا ومعاييرها القانونية خلال سنوات حكمه الأولى، ممّا قلّل من المحاكمات العسكرية التعسفية. كما استعاد الهيبة الإقليمية والدولة للبلاد الغارقة في حمّى البحث عن الهوية، وفي إنكار الحلقات الأكثر قتامة للماضي؛ خاصّة من خلال بداية الاعتراف بـ "التراجيديا” الأرمنية، حيث لا يزال من التابوهات الحديث عن إبادة جماعية"
وأكدت أن أردوعان، أثبت أنّ الإسلام والديمقراطية والتنمية، بعيدًا عن أن يكونوا غير متوافقين، مثلما يؤكد عدد من كاسندرا الهوية في الغرب؛ فبإمكانهم التوافق وتعزيز بعضهم البعض، وقِبل خطابه في القاهرة الّذي أراد منح "بداية جديدة”، في عام 2009 للعلاقات بين الولايات المتّحدة والعالم الإسلامي، أثار باراك أوباما هذا الموضوع في أنقرة.
وختمت اللوموند تقريرها في أن أردوغان الآن وحيدا، في قصره الواسع أكثر من أيّ وقت مضى، حيث إنّه في عراك مع الجميع تقريبًا؛ ففي تركيا، تخلّى عنه رفاق دربه في جماعة فتح الله غولن، والشبيبة التقدمية الغاضبة من قمع حراك غيزي في 2013 والأكراد. وفي الخارج، أصيبت الدول الغربية بخيبة أمل؛ بسبب تساهله مع تنظيم الدولة الإسلامية، في حين أنّ "إسرائيل” لم تعد تثق فيه؛ بعد قضية قافلة غزّة، والقيادات المصرية والتونسية والسعودية غاضبة ؛بسبب دعمه المعلن للإخوان المسلمين، ويقاتل باستماتة بشّار الأسد، ولن تغفر له روسيا وإيران رغبته في الإطاحة بالنظام الّذي يدعمانه في سوريا، وتدخّله في الوضع العراقي المعقّد. وفي النهاية أكّد جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية خسارته.
وتختم: "لا نستطيع التنبؤ في ظلّ هذا السياق بانتخابات 1 نوفمبر إذا ما حافظت على النتيجة نفسها، أو حسّنت الوضع. ولكن تكمن مشكلة تركيا في أنّ أردوغان أقوى منها: لن ينكسر هو أوّلاً بل بلاده."