الترهل الاداري من صور الفساد !من اين يبدأ؟ وكيف ينتهي ؟!



يصنف المختصون الفساد الاداري بأنه مرض مزمن قلما تتواجد له حلول في الدول النامية , لهذا غالبا ما يتصارع رواد الفكر الاصلاحي بتلك الدول مع السياسات الادارية القائمة والغير قابلة للتغير نتيجة لحاجات المجتمعات الملحة , والتي تتطور كلما تطورت مفاهيم الادارة والبناء المؤسسي بباقي دول العالم , ففي دولتنا الاردنية وعلى لسان قائد البلاد قبل فترة أكد بأن معالجة الترهل الاداري حاجة ملحة وهامة وتعتبر من الاوليات الرئيسية في المرحلة الراهنة , وكذلك تحدث الكثيرون من اصحاب الاختصاص منذ مدة طويلة والسبب هو ما وصل اليه الحال من تاكل لمنظومة الادارة بمؤسساتنا الوطنية وبما يخص الرسمية منها , فمحور الحديث الرئيسي لا يستثني اي من ا لمؤسسات والتي تشكل الهيكل التنظيمي للدولة من ناحية بما فيها الوزارات والادارات المتفرقة وكذلك مؤسساتنا التعليمية مثل المدارس وبالاخص الجامعات بمختلف انواعها من خاصة وعامة من ناحية اخرى , لهذا لابد لنا وقبل خلق اي سياسة جديدة لمعالجة مايسمى بالترهل او الفساد الاداري بأن نباشر بتغيير وصياغة المفاهيم التالية بما يتناسب مع حجم الدولة الاداري :
اولا : أن عدد الوزارات والإدارات المركزية لا تبررها الحاجة الفعلية في الغالبية، وأنها سبب في الترهل الاداري وذلك لان كثرة الادارات من ضمن وزارة ماء سيؤدي حتما لتوسيع وتاخير القرار الاداري من ناحية ومن ناحية اخرى المماطلة وخلق انواع غريبة من التنافس واظهار الفكر الاداري لدى اغلبية الادارات والقائمين علياها , فكلما ازدادت دائرة القرار اتساعا كلما ضاعت او تغيرت كثير من القضايا التي يحتاجها المواطن وينتظر حلولا لها .
ثانيا : ان انشاء وتأسيس الكثير من الهيئات والمؤسسات الفرعية يتم دون تمحيص او تدقيق وغالبا ما تأتي بقرارات ملزمة وتحت مسميات مختلفة من حيث الحاجة لها , وهذا واضح بكثير من المؤسسات التي تعمل باستقلالية وبدون رقابة واضحة على مجريات تنفيذ سياساتها , مما يؤدي لاستنزاف الكثير من الاموال العامة التي تؤثر فيما بعد على زيادة العجز الاقتصادي للدولة ...لهذا يجب اعادة النظر بكثير من تلك المؤسسات المصطنعة ..
ثالثا: إن إنشاء أجهزة إدارية جديدة أو فصل وحدات عن وزارات قائمة وتحويلها إلى هيئات أو مؤسسات كثيراً ما يخضع لاعتبارات سياسية أو اجتهادات فردية أكثر منها اعتبارات فنية، وتؤدي إلى التداخل والازدواجية في المستويات والسلطات, أن البيروقراطية الموجودة في أجهزة القطاع الحكومي أفرزت الكثير من المشكلات التي حالت دون تمكين الأجهزة الحكومية من القيام بدورها المطلوب...لذلك عند الحديث عن الترهل الاداري يجب اعادة صياغة الحاجة المستجدة لاي ادارة جديدة من خلال منافذ التشريع الرئيسية ليتم قبولها او رفضها بناءا على حاجة المجتمع وليس على تصورات وهمية او سياسات معينة لدى البعض ....
رابعا : ان كثرة افراز اللجان في الوزارات وتعددها يضفي الكثير من الخلل على مصوغات تأكيد القرار من ناحية وعلى ضياع روح القانون المعمول به من ناحية اخرى فتصبح عملية التاخير والمماطلة هي الصبغة العامة والتي تنعكس سلبيا على طبيعة العمل الاداري وعلى مجمل النتائج المرجوة والتي غالبا ما يحتاجها المواطن ويسعى لتحقيقها من خلال الجهد والوقت ...مما يؤدي لحالة من التذمر العام وضعف الثقة بمؤسساتنا الادارية والفنية احيانا ..
خامسا : ان الحركة التعليمية سواءا في المراحل الـتأسيسية بالمدارس او المتقدمة بجامعاتنا تؤثر بدرجة كبيرة على خلق اجيال اما ان يكون طابعها الالتزام المهني او التنصل والتسيب اللامسئول , فاعادة صياغة السياسات التربوية من جديد (ولا اقصد العلمية فقط منها ) سيؤدي لامحالة لتغيير الفكر وتعديل السلوك التربوي الذي تعاني منه الاجيال الحالية .. لهذا يجب وضع ضوابط رزينة وقوية عند تعيين الادارات الجامعية من ناحية وعند ممارسة المعلم لعمله في المدارس بشكل عام , وهذا لايتم بألتاكيد الا اذا كانت الاسس المعمول بها صحيحة بتعيين الادارات من ناحية وكذلك بالتخلي عن السياسات التربوية والتي اغلبها وصلتنا حديثة ومن الغرب ولا تلبي طموحات اجيالنا ذات المعتقد والتاريخ المختلف ..عندها بالتأكيد ستؤثر تلك السياسات ان اتبعت على اضمحلال الترهل الاداري لدرجة كبيرة ..
سادسا واخيرا : يجب ان لاننسى ان المحسوبية والواسطة والحسابات الضيقة بتحديد القيادات الادارية لمؤسساتنا هو من الاسباب الرئيسية التي تصنع ما يسمى بالفساد او الترهل الاداري , وللاسف ما زال دور الخبرات والكفاءات العلمية والاجتماعية مهمش لحد كبير , لهذا فاني انصح بتغيير الاشخاص في ا لكثير من المؤسسات والادارات بناءا على حاجة المجتمع والدولة ولي بناءا على اية مصالح خاصة وغير نزيهة .......