جمانة غنيمات تكتب : عدالة بمكيالين!

أخبار البلد - طمأننا وزير العدل حينما أكد أن الموافقة على سفر خالد شاهين، هي انتصار لحقوق الإنسان في العيش. التصريحات الرسمية بثت رسائل قوية لكل أردني تكشف مدى الحرص الرسمي على حياة الأردنيين، لدرجة تجعل من الممكن مخالفة القوانين والأنظمة من أجل الحفاظ على حياة أردني واحد.

بيد أن ما تدعيه الحكومة حول الحق في الحياة، يرتطم بقدرتها على حماية حياة المواطنين جميعا وليس شخصا بعينه، إذ تقتضي مثل هذه التوجهات محاولة الحفاظ على حياة الإنسان مهما كانت خلفيته، وخصوصا نزلاء السجون.

ولا أدري هل حياة شاهين أغلى وأكثر قدرا من حياة مئات السجناء الذين يتوفى منهم  15 - 20 شخصا سنويا، ولا يعلم أحد لم ماتوا ولم لم تتوفر لهم فرصة السفر للخارج من اجل العلاج؟.

والاهم لماذا تتبخر فكرة حقوق الإنسان عندما يتعرض السجناء للضرب والتعامل غير اللائق، رغم أن الإعلان العالمي لحقـوق الإنسان يكفل عدم تعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الجارحة التي تمس الكرامة الإنسانية؟.

ما لم يخطر ببال الوزير أن حماية حياة الناس تتطلب القضاء على مؤسسة الفساد، خصوصا وأن المفسدين يسلبون حياة الناس وحقهم بالعيش الكريم، ويهبشون أرزاقهم ليثروا من دون وجه حق.

الحكومة التي تقدر الحياة كثيرا لم تراع أبدا أن الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت الحياة والموت سيان لدى شريحة واسعة من المجتمع باتت على الهامش بعد أن توغل البعض في أكل حقوقها والتهام مقدرات وطنها.

وما غاب عن ذهن الوزير الذي انبرى ليدافع عن الحق في الحياة أن حياة الأردنيين باتت مهددة اليوم لأكثر من سبب، في انتهاكات متتالية لحقوق الإنسان تجعل الأسئلة تتدفق وتنهمر للسؤال عن حق التعبير والحرية، وحق العيش الكريم، وحق التملك، وحق المعارضة، وحق الاختلاف في الرأي وحق المحاكمة العادلة.

أهم الحقوق الواجب تذكرها يتمثل بالاعتراف بالكرامة، وهو ما افتقده الإنسان الأردني خلال السنوات الماضية حينما استعصت عليه لقمة العيش، وسدت الأبواب في وجهه واكتشف متأخرا أن حقوقه مهضومة وغير معترف بها طالما هو مواطن عادي لا سند له.

التعامل مع خالد شاهين يكشف من جديد ازدواجية التعامل الرسمي في مختلف القضايا، الأمر الذي يخلف شعورا بالضيق وعدم الرضا، ويوفر بيئة لخلق مجتمع محتقن وغاضب وغير راض عن محيط يدرك جيدا انه يكيل بمكيالين، من دون أدنى مراعاة لشعور العامة وكأنه يستخف بقدراتهم العقلية.