مسؤولون يكتبون مقالات

كنا نلوم اختفاء مسؤولين كبار من بينهم رؤساء وزراء ووزراء أيام ما سمي بالربيع العربي عن حلبات الدفاع عن السياسات الاقتصادية والمواقف في مواجهة هجوم كان شرسا.

اليوم لم يتبدل الحال كثيرا لكن الفرق هو أن المسؤولين من الوزراء السابقين وغيرهم تحولوا الى كتاب مقالات , وكما كانت تصريحاتهم عن إنجازاتهم وخططهم وبرامجهم تملأ الفضاء , ها هي مقالاتهم التي تفتحت عن دفق من الأفكار والرؤى تملأ الصحف والمواقع الإلكترونية.
ماذا في جعبة هؤلاء مما لم يقولوه أو يفعلوه إبان توليهم للمسؤولية ؟
لا بأس في مثل هذه الإسهامات والأفكار التي تثري بتجارب سابقة الخطط والبرامج وربما تسدي معروفا لوزير أو مسؤول لاحق غابت عنه ملاحظة أو فكرة هنا أو هناك , لكن المثير هو تنقل هؤلاء المسؤولين من خندق المسؤولية الى ميدان النقد لسان حالهم يقول « لو كنت في مكان الوزير الفلاني لفعلت كذا وكذا! لقد كنت هناك فلماذا لم تفعل ؟
على أن هذا الفيض المخبأ من الأفكار وقد اندلق مجرارا مثل نهر من الكلمات , لا يغني ولا يسمن من جوع إن كان من يفيض به قد حصل على فرصة التنفيذ ولم يلتقطها عندما كان باستطاعته ذلك.
خلال الفترة الماضية نشط رؤساء وزراء ووزراء في الكتابة الصحفية وبشكل منتظم , وشخصيا من بين معشر الكتاب وإن كنت لا أجد في هذا التنوع فوائد سوى ما يريني الفرق بين التنظير والتنفيذ ,لا أحبذ مثل هذا الفيض ليس لخشية منافسة على صنعة , إنما لمزاحمة على الأمكنة في الصحف والمواقع أو قد يظن هؤلاء «الكتاب » الجدد أنها قد تعني لهم منبرا يعيدهم من التقاعد الى العمل ومن العتمة الى الضوء في ذات المناصب مجددا عند أول تعديل أو تشكيل وزاري.
إن كان من يتخذ من الصحافة عبر مقالات يدشنها أو يمليها على هيئة أفكار منصة للدفاع عن سياسات سابقة , يقصد تقديم رؤيته لتطورات سياسية وإقتصادية بما في ذلك تفسير أسباب تمسكه بالسياسات التي دعا اليها ولا يزال حتى اليوم.فهناك متسع كبير في مراكز الدراسات والبحث وغيرها.
كنت أنتظر من هؤلاء المسؤولين إجابات شافية وشفافة على كل الأسئلة التي صاحبت فترة زمنية سادت فيها فوضى الشائعات والاتهامات حول سياسات اقتصادية محددة , كان أولى بهم أن يتولوا فيها الدفاع عن الدولة التي هم جزء منها ولا نقول أنهم بفضلها تولوا المناصب.