أحمد عويدي العبادي.. ومعضلة "ماو تسي تونغ"
لا يخلو حديثه من دفء وشجى، فالرجل لطالما
كان بسيطاً كجريان الماء في ربوع وادي السير، وكلمته على لسانه، لا يكاد يخفي ما يعتمل في نفسه.
منذ جاء الى مجلس النواب الحادي عشر عام 1989، اختط سبيل المعارضة.. وما زال.
ولطالما لاحظت ان الكثير من الاتهامات التي تكال له تفتقد الى فهم حقيقي لشخصيته ونفسه التي تجيش بمختلف المشاعر.. لا يخيفها.
أحمد عويدي العبادي شخصية تحار من أين تتناولها، فهو الأديب الاريب والسياسي المعارض المثير للجدل .
بدأ حياته العملية بالانتساب الى سلك الأمن العام كضابط، ومنه تقاعد برتبة عقيد عام 1987.
ولأن ميول العبادي الأدبية طاغية فقد ترأس تحرير مجلة الشرطة الأردنية خلال الفترة 1973 – 1979.
تخرج من جامعة بيروت / كلية الآداب قسم جغرافيا في العام 1969، وحصل على ماجستير بالدراسات الإسلامية والتاريخية والجغرافية من معهد الدراسات الإسلامية العالي بالقاهرة عام 1978، ثم نال شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية والاجتماعية من جامعة كامبريدج البريطانية.
نجمه اشتهر حين كتب المسلسل الدرامي البدوي الشهير " وضحة وابن عجلان" الذي أنتج في العام 1975، وسلب الباب الناس لفرط تعلقهم به.
مجيئه عضوا في مجلس نواب 1989 القى الضوء عليه، فقد كان بحق أحد نجوم ذلك المجلس الذي أثار الكثير من العواصف.. وما زال الكثيرون يستذكرون له مواقفه في نقد الحكومات.
عاد للمرة الاخيرة نائبا في المجلس الثالث عشر 1997-2001، ثم فضل الركون الى عمله و" المعارضة الحرة".
عام 2006 أسس ما يسمى بالحركة الوطنية الأردنية، ولم ترخص الحكومة له حركته.
مواقفه التي تصادم بها مع كثيرين، تطاير بها وسائل الاعلام على مدى عقود من الزمان، و أودت به الى السجن عام 2007 عندما قرر المدعي العام توقيف العبادي وتوجيه ثلاث تهم له هي المس بهيبة الدولة والذم والقدح ومخالفة قانون المعاملات الإلكترونية. وقاضاه وزير الداخلية انذاك عيد الفايز شكوى بتهمة القدح والذم بعد أن تعرض له في أحد البيانات التي كان ينشرها على الشبكة العنكبوتية.
سياسيا لمع العبادي
أدبيا عرف العبادي بمؤلفاته التي ما تزال حديث المثقفين من قبيل: المرأة البدوية 1973، من القيم والآداب البدوية طبعتان 1976، 2005، مقدمة لدراسات العشائر الأردنية طبعتان 1983،1985، العشائر الأردنية (الأرض، الإنسان، التاريخ) الجزء الأول 1985، العشائر الأردنية (الأرض، الإنسان، التاريخ) الجزء الثاني 2004، عشائر الأردن الجزء الثالث / جولات وتحليلات، المناسبات عند عشائر الأردنية، طبعتان 1980 ،1988، الأدلة القضائية عند البدو، 1984، الجرائم الكبرى عند العشائر الأردنية 1985، الجرائم الصغرى عند العشائر الأردنية 1985، في ربوع الأردن جولات ومشاهدات، جزءآن 1988، القضاء عند العشائر الأردنية،1988، الأردن في كتب الرحالة والجغرافيين المسلمين،2005، معارك برلمانية، ثلاثة مجلدات.
وما بين السياسة والأدب ربما واجه العبادي معضلة " ماو تسي تونغ"، الذي قال مرة : "كم وددت ان ابقى في المكتبة أقرأ واطالع والا اضطر الى خوض غمار السياسة".
يصف مراقبون العبادي بأنه سياسي " حام"، واسع الفكر، طيب المعشر، يجسد الاخلاق البدوية.
العبادي لا شك يستحضر كلما وقف بوادي السير بيت شعر عرار :" ليت الوقوف بوادي السير اجباري..".. ويستذكر اولئك الذين رحلوا، والتغييرات العاصفة التي طرأت، وأن الايام بات " كدواة حبر كسرت على الطرقات".
" أبو بشر".. الذي عرفته عن قرب، وغمرني بما في نفسه من دفء وألق وأريحية وبساطة، على اختلافي واقترابي من بعض طروحاته، وكنت قرأت بعض اعماله قبل أن اعرفه شخصياً، ربما آن له أن يوسع المدى بقلمه الفذ.. فالشاعر الالماني هولدرين يقول: "ما يتبقى على الارض إنما حققه الشعراء".