هل فرق الرواتب حرام ?


حبّذا لو يفتي الشيوخ والبطاركة والعلماء الأجلاّء في قضيّة هامّة تؤثِّر على نفسية المواطنين وعلى جيوبهم وعلى تنمية الوطن والمجتمع بشكل عام .

وما استدعاني للكتابة في ذلك الشأن هو ما قرأته في احدى الصحف اليوميّة من انّه (هنا اقتبس ) يتعيّن على الشركات الأمريكيّة الكبرى بموجب قاعدة قانونيّة جديدة الكشف عن الفرق في الرواتب بين المديرين والموظّفين على ما ذكرت هيئة الإشراف على البورصة في الولايات المتّحدة , وهذه القاعدة المستقاة من قانون ادارة البورصة " وول ستريت " سنة 2010 ستدخل حيِّز التنفيذ سنة2017 وستشمل جزءا كبيرا من الشركات المدرجة في البورصة على رغم تحفظات اوساط رجال الاعمال, على ما اشارت اليه الهيئة ( انتهى الإقتباس ) .
وهنا اتسائل إذا كان هذا يحدث في امريكا وفي شركات عملاقة حيث دخل الفرد مرتفع وتطبق فيها نسبة عالية من الديموقراطية والحرية ولكن حال أن تسببت تلك الرواتب الفلكيّة وتلك الفروق الكبيرة في رواتب المدراء العامّين عن زملائهم الموظّفين الآخرين في ازمة عالميّة اثرت على الإقتصاد الأمريكي وعلى العالم اجمع عام 2008 قامت الإدارة الأمريكيّة بتعديل القوانين لتقليص ذلك الفرق لمستويات منطقيّة رغم ضغوط رجال الأعمال والموظفين في المراتب العليا , وإذا ما درسنا فرق الرواتب في بلدنا بين اهل الحظوة والدرجات العليا في القطاعين العام والخاص مع زملائهم الموظفين الآخرين في القطاعين وما واكب ذلك من محدودية الدخل وقلّة الثروات والإيرادات وارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتراجع الإستثمار وارتفاع الأسعار والمشاكل الإجتمناعيّة وتدفق اللاجئين والوضع الدامي الملتهب بدول الجوار وبالرغم من كل ذلك فاننا نجد ان راتب رئيس الحكومة او الوزير او النائب سواء كانوا عاملين او متقاعدين يساوي عشرات اضعاف متوسط الموظّف البسيط مما يجعل رئيس الحكومة او الوزير مثلا ولو خدم عدة ايام في الوظيفة يخرج ليبني مصالحه الخاصّة التي يجني منها الكثير إضافة لرواتبه التقاعديّة العالية وإمتيازات ومصادر دخل اخرى غير معلومة ويكون قد سار على درب يدرُّ عليه لولد الولد بينما الموظّف العادي يأنُّ تحت وطأة الفقر والضرائب وارتفاع تكاليف المعيشة بإستمرار وكأنّه يتحمل عبأ الإصلاح الإقتصادي وتسديد المديونيّة وفوائدها للبنك الدولي وغيره من الجهات المقرضة.
وهنا تأتي محاولة الحكومات لنشر العدالة والمساواة بين المواطنين وجرأة المسؤولين في الإعتراف بوجود خلل مزمن ومعالجته بتغيير القوانين والتعليمات والأنظمة فهذا هو الإصلاح الحقيقي الذي يشعر به المواطن ويرتاح له ويشعر معه بالآمان والأمن والإستقرار لأنه الخطوة الأولى في سبيل المحافظة على ثروات البلد وأمواله وامكاناته المتاحة ومكاسبه المنجزة وهي الخطوة الأولى نحو تنمية مستدامة وهو ما يدعوا له بإستمرار اعلى سلطة في البلاد .
وهنا اتسائل في حال ما اذا بقي هذا الفرق الكبير في الرواتب ولم يقم المسؤولون بتصويب الأوضاع فهل يكونون بمثابة المرتكب للمعصية لأنهم اعطوا للبعض حقوق الغير وهم يعلمون خاصّة ان ديننا الحنيف يعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة وتبسم المؤمن في وجه اخيه صدقة فهل يستطيع اهل الحل والربط ان يتصدّقوا على الغلبانين بإرجاع حقوق لهم طالما انتظروها من القويّْ الأمين الذين اقسموا عند حلف اليمين ان يقوموا بالواجبات الموكلة اليهم خير قيام وتكتب بإذن الله في ميزان حسناتهم .
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة ومتّع شعبه بالرفاه والحياة الكريمة ومكّن حكومته ومسؤوليه من نشر العدالة والمساواة في ربوع الوطن الأعز والأغلى .
احمد محمود سعيد
13 / 8 / 2015