اللامركزية.. ما لها وما عليها

مشروع قانون اللامركزية لعام 2015م فتح الباب على خلاف بين المحافظين والليبراليين إذ يقول المحافظون أن اللامركزية خطوة نحو تفكيك أجهزة الدولة وتقوى النزعة الانفصالية نتيجة ضعف التربية الوطنية وأنها أي اللامركزية ليس فيها من الآمال العريضة التي يبشر بها أنصارها وأنها تحرم الوطن من خبرة الاحترافيين في الإدارة المركزية هذا ما يقوله أنصار المركزية الذين تربوا في مدرستها ولهم مصلحة في هذا النظام، فالمركزية لم يعد لها أنصار أو معجبون في العالم لأن النظام الاجتماعي والاقتصادي العالمي لم يعد يتعاطى معها فإذا كانت اللامركزية تهدد الوحدة الوطنية فما حال الولايات المتحدة والغرب والشرق فجميع دوله تطبق اللامركزية في الإدارة ولم نر ما يهدد وحدتها الوطنية وهي أي اللامركزية لا تقترب من السيادة الوطنية ولم تنتقص من مفاهيمها، فالسياسة الخارجية والدفاع والتخطيط القومي والموازنات الفدرالية وإعلان الحرب والسلم والمعاهدات الخارجية من صلاحية الحكومات المركزية، واللامركزية تقتصر على إعطاء المجالس الحالية صلاحيات في إدارة المرافق العامة والاستثمار ووضع الموازنات المحلية وتصريف شؤون الناس ووضع البرامج التنموية تحت مظلة الدستور، فهذا النهج يخفف العبء على الحكومة المركزية ويخفف العناء والكلفة على المواطنين حيث تقضى حاجاتهم في مناطقهم بدلا من أن يذهبوا إلى المركز.

فالمركزية نظام إداري متخلف تجاوزه التاريخ وقد وضعه المستعمر لخدمة مصالحه علما أنه لم يطبقه في بلدانهم، فالمركزية نظام يتناقض مع حركة التطور العلمي والتكنولوجي، فمثلا إذا كان المواطن في الأطراف يستخدم الكمبيوتر والخلوي ويتخاطب مع العالم بواسطتهما، فقد تجاوز حدود البلد ذهابا وإيابا بدون جواز سفر أو تأشيرة، فكيف يحرم من أن يدير شؤونه المحلية والمشاركة في صنع القرار في منطقته، إنها عقلية القلعة.
فمشروع قانون اللامركزية لعام 2015م جاء دون مستوى التطلعات ويفتقر إلى انطلاقة ديمقراطية، فالقانون حافظ على روح المركزية وبقيت صلاحية الوزير كما كانت في القانون الحالي، وأقصد هنا قانون البلديات، ولم يمنح المحافظين صلاحيات أوسع مما هي في نظام التشكيلات الإدارية وإن مجلس المحافظة الذي أعطي هالة من الدعاية لم يأت بجديد سوى أنه أضاف عبء الانتخابات على الإدارة المحلية وعلى المواطنين أيضا.