لانا محمد خير مامكغ، أردنية نشمية ذهب عيار 24

كتب تحسين التل:- مثقفة، وكاتبة، ومؤلفة، وإعلامية من طراز فريد، درست الأدب العربي في الجامعة الأردنية عام 1992 وتخرجت فيها، وحصلت على الماجستير في العام 1996 والدكتوراه عام 2002 من الجامعة الأردنية نفسها، عملت في كثير من الحقول الأدبية، والعلمية، والثقافية ابتدأتها في جامعة الإسراء؛ مدرسة في كلية الآداب، ثم في جامعة البترا عام 2006 ولها بعض المؤلفات الأدبية.
بدأت كتابة المقالة في جريدة الرأي منذ عام ١٩٨٦ وكتبت في عددٍ من المجلات الأردنية والعربية. كما عملت على كتابة بعض النصوص الدرامية في التوعية القانونية عام 98 وقامت بإعداد برامج إذاعية في إذاعة أمن إف إم منذ 2007 ولغاية 2010 وإعداد وتقديم برامج في الإذاعة الأردنية عام 2000 بالإضافة الى برنامج يوم جديد وهو من البرامج المشهورة جداً على مستوى المملكة.
ربما يغضب البعض منها؛ لصراحتها، وجرأتها في قول الحق، لكن لديها قلب رقيق جداً، يجعل منها المرأة التي يجب أن تكون وزيرة للتنمية الإجتماعية بالإضافة الى وزارة الثقافة، فهي تنظر الى الطفولة والشيخوخة بعين الرأفة، والرحمة. بلا ريب؛ قلبها الكبير جعلها ليس فقط نموذجاً للأم والمربية الفاضلة، وإنما المرأة الناجحة في حياتها العامة؛ الأكاديمية منها، والحكومية، والخاصة التي تتعلق بالتربية والتعليم وتنشئة الأجيال.
عانت وزارة الثقافة من وجود لوبي (ثقافي)؛ يتشكل وفق المصالح الشخصية التي تخدم بعض الموظفين بعينهم، فقد كانت اللجان المشكلة لدراسة وتقييم الأعمال الأدبية؛ تختار في بعض الأحيان؛ الأعمال الهابطة، وتمنح بعض الكتاب والشعراء الهواة مبالغ مالية على أعمالهم غير المقروءة، وذات اللغة الركيكة، وترفض الأعمال الأدبية ذات القيمة الأدبية، والثقافية العالية، وكنت أستمع أحياناً الى شكاوى من بعض المؤلفين والكتاب تم رفض أعمالهم من قبل اللجان التي كان الوزير أو الأمين العام يشكلها من موظفين ليس لديهم خبرة في تقييم الأعمال، أو من موظفين لا يقرؤون الأعمال المقدمة إليهم، أو ربما يرفضون إرسالها الى أساتذة الجامعات لتقييمها وفق ما كانوا يؤكدون باستمرار بأن الأعمال الثقافية والأدبية، والشعرية تقدم الى أساتدة الجامعات لتقييمها.
أذكر أنني قدمت أحد المخطوطات، لتقييمه تمهيداُ للموافقة على طباعته على حساب الوزارة، إلا أن رئيس اللجنة وبعد شهر من تسليم المخطوط، قال لي إن اللجنة التي قمنا بتشكيلها رفضت منح المخطوط الموافقة لأنه؛ أي (المخطوط)، غير صالح للطباعة والتوزيع على حساب الوزارة..؟!
قدمت المخطوط نفسه لجهة ثقافية أخرى تعتني بالشأن الثقافي والأدبي، ولا تقل أهمية عن وزارة الثقافة، وبعد شهر من استلامها للمخطوط، جاءت الموافقة بطباعة وتوزيع المخطوط.. ماذا يعني هذا؟!
هذا يعني أن هناك (خيار وفقوس) في التعامل مع الأدباء، والشعراء، والكتاب، فقدمت شكوى لوزير الثقافة؟ الذي شكل لجنة للتحقيق بالطلب الذي قدمته، لكن اللجنة التي شكلها الوزير خرجت بنتيجة مفادها أنه أحيانا تحدث أخطاء، وجل من لا يخطىء، وعلى المتضرر أن يقدم طلباً آخر للتقييم مرة أخرى، وسيعامل طلبه بسرية تامة، لكنني فضلت أن أطبع مؤلفاتي على حسابي الشخصي منعاً لإحراج الوزير، والأمين العام، لأن اللوبي الموجود في الوزارة كان بصراحة أقوى منهم، لذلك قمت بطباعة الكتاب على حسابي وبدأت بتوزيعه، وكانت المفاجئة أن قامت الوزارة بشراء 60 نسخة من الكتاب.. بالمناسبة؛ لقد قمت بتأليف ثمان مؤلفات ووزعت أكثر من خمسة آلاف نسخة من هذه المؤلفات على وزارة الثقافة، ومكتبة شومان، ومكتبة الأمانة، وعدداً من الجامعات الرسمية والخاصة، ومكتبات البلديات، والمراكز الثقافية الأخرى...
الملفت للنظر أنني تناولت العديد من المؤلفات الشعرية والأدبية التي طبعت ووزعت على حساب الوزارة، وكانت للأسف لمجموعة من الهواة الذين ما زالوا في طور الطفولة الأدبية، أو الشعرية، ومع ذلك حصلوا على الدعم المناسب، لأنه وبكل بساطة هناك من يدعمهم داخل الوزارة...
لقد عانينا كثيراً، بسبب الإزدواجية في التعامل مع الأدباء، وأصحاب الأعمال الأدبية، إذ لا يوجد من بينهم من يتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، وأن لا ينحاز الى جهة دون أخرى، أو الى كاتب أو شاعر دون كاتب أو شاعر آخر، هذا ظلم شديد، قد يؤدي الى تقليص عدد المثقفين في الوطن، وتجفيف ينابيع الأدب، والشعر، والثقافة بشكل عام.
عندما جاءت المثقفة، والأديبة الكبيرة الدكتورة لانا مامكغ، توسمنا خيراً بمجيئها، وشعرنا نحن طبقة الكتاب بأن هناك تغييرات لا بد وأن تحدث على المشهد الثقافي الأردني، ولا بد أيضاً من وقف بعض الأمور التي كانت تستغل من البعض؛ لهدر الأموال دون طائل، أو دون فائدة تذكر، فاتخذت قراراً بتجميد التفرغ الابداعي، وقد أكدت على أنها ستعيده أكثر رشاقة، وحيوية، وشفافية ليكون في مصلحة المثقف، والشاعر، والكاتب.
عملت الدكتور لانا على اعادة احياء صندوق الثقافة الذي سيعمل على رفد ميزانية الوزارة، وبالتالي إثراء المشهد الأدبي الاردني.
وعملت على انشاء مكتبة خاصة للطفل ضمن دائرة المكتبة الوطنية، ومعروف أن المكتبة الوطنية هي من المكتبات الكبرى في الأردن، وهي مفتوحة لجميع المواطنين.
لقد أشارت الدكتورة في كثير من الجلسات، واللقاءات، الى ان الوزارة تحاول قدر الامكان المساعدة في اقامة العديد من الملتقيات، والمهرجانات المحلية، والتفاعل بين الهيئات الثقافية، والوزارة من خلال المشاركات المتنوعة على مستوى الوطن.
الدكتورة لانا مامكغ هي شعلة من النشاط، والحيوية، وبالرغم من أن الوزارة تعاني من شح الإمكانيات المالية، إلا أنها استطاعت أن تتحرك ضمن المساحة المتوفرة، بل وتفوقت على كثير من الوزراء الذين كانت تحت أيديهم موازنات مالية لم يستطيعوا استغلالها بالشكل المناسب، بل ذهبت هدراً دون أن يستفيد منها المثقف الأردني.