فهد الخيطان يكتب : الفساد أولى بالرعاية الصحية

اخبار البلد - من يجرؤ بعد اليوم على القول انها ليست "دولة الحق والقانون", فالدولة التي تسمح لنزيل محكوم بقضية فساد, ومطلوب في قضية ثانية قيد النظر, بالسفر الى اوروبا في اجازة مفتوحة بدعوى العلاج هي بالفعل دولة حق وقانون واجدر بهذا الوصف من السويد والدنمارك.

 

من يصدق بعد الآن ان الحكومة التي توافق على سفر سجين للعلاج في الخارج لشعورها بأن "حق الحياة يعلو على كل ما عداه من الحقوق" هي ذاتها التي تقمع بالقوة المفرطة اعتصاما سلميا لشبان يطالبون بالاصلاح فتقتل وتجرح بدعم لوجستي من حملة العصي والجنازير.

 

لقد تعذر علاج السجين في الاردن فتجب معالجته في المكان الذي يوفر له حماية حق البقاء كما يقول وزير العدل. فالاردن كما تعلمون بلد متخلف من الناحية الطبية, لا مدن طبية ولا مستشفيات يأتيها المرضى من كل مكان, ولا اخصائيين او جراحين تجاوزوا في شهرتهم العالمية الأطباء الأجانب, فكان لا بد من ارساله الى الخارج!.

 

حكومة حنونة فعلا يفيض قلبها بالمحبة والانسانية, لدرجة انها تتجاهل كل الاعتبارات من أجل الحفاظ على صحة الانسان.

 

لا يهم ان كان السجين مريضا حقا ام لا, فبمجرد ان اشتكى حتى نقل الى مستشفى خاص في عمان, ومن هناك غادر الى لندن للعلاج على نفقته الخاصة. ولا نعلم من اين له ان ينفق مبالغ طائلة على العلاج في الخارج وامواله المنقولة وغير المنقولة محجوز عليها في القضية الأولى والثانية!.

 

ولا يهم ان يصدر بعد سفره بايام قرار بمنع السفر في قضية "الديسي", فالديسي انتظر سنوات طويلة وله ان ينتظر الى ان يعود المتهم بالسلامة.

 

ومكافحة الفساد من الأصل تأجلت سنوات وعقودا فماذا يصير لو تعطل النظر في القضايا سنين اخرى.

 

الشعب المسكون بهاجس مكافحة الفساد سيتفهم موقف الحكومة وما دام الأمر يتعلق بحق الحياة فلتذهب اموال الشعب ودعاة مكافحة الفساد الى الجحيم, فكل هذا "تهييج وضجيج", لا يجوز ان يفقدنا "التعمق في التفكير". لقد خسرنا بسبب الفساد اموالا طائلة في الديسي وغيره المهم اليوم ان لا نخسر صحة المحكومين بالفساد "فحق الحياة يعلو على كل ما عداه من حقوق" نكرر القول مع الوزير.

 

وخالد شاهين ليس اول او اخر الاشخاص الذين يحظون بالرعاية في مثل هذه الظروف, فهو وزملاؤه في القضية يقضون العقوبة في سجن فندقي خاص ومن قبلهم امضى اخرون العقوبة في منتجعات سياحية.

 

وفي دولة الحق والقانون لا يجدر بنا ان نتوقف عند اخطاء اجرائية فسواء سافر السجين المريض الى لندن او امريكا لا فرق, وليس مهما ان كان يحمل تأشيرة سفر الى الولايات المتحدة أم لا.

 

وفي دولة الحق والقانون ليست مصيبة ابداً ان يجهل الوزير وجود اتفاقية تبادل المتهمين مع امريكا من عدمه, فما من احد في الحكومة يعلم في أي بلد يقضي السجين فترة العلاج الآن.

 

بالمناسبة خالد شاهين المحكوم في قضية المصفاة ما زال في عرف وزير العدل "متهما", هذا ما ورد نصا في التصريح المنسوب الى الوزير الذي بثته وكالة الأنباء الاردنية مساء الخميس الماضي, ونشرته الصحف اليومية كافة أمس الجمعة على صدر صفحاتها الأولى.