المعاني وإشارات الغيب

يُضاعف الشريط الذي بُث أمس حزننا على زميلنا وصديقنا نايف المعاني، فهو يبدو فيه وكأنّه يحدس موعد موته، فيودّع المشاهدين بابتسامته المعروفة، ويرفع يده بما يشبه التحية العسكرية، بعد أن أعلن «خطبة وداعه» الخاصة، وفي نهايتها الإشارة الصريحة للَحده.
في دقيقتين، فقط، اختصر الرجل ما يمكن لحياة كاملة أن تقوله، فهو يوصي الأردنيين بالأردن خيراً، ويقول لهم بصراحة مطلقة: ليس لكم غيره، وإذا خرب لا سمح الله فلن تجدوا مكاناً يحتويكم، ثمّ يُعدّد الدول المحيطة وما حصل ويحصل فيها.
ولم يكتف نايف المعاني بذلك، بل كان يردّ على رسائل أصدقائه المتسائلة عن قصده بالقول: قرّبت، وفي كشفه لتفاصيل ساعته الأخيرة يصف رفيقه محمود كريشان إقباله على حياته العادية؛ حيث التجول في وسط عمان وراء الخبز من مكان معيّن، ووجبة إفطار تقليدية، يتخللها التعب والإعلان عن دنو الأجل.
تلك تفاصيل تُضاعف حزننا على صديقنا، فلا تدري نفس بأيّ أرض تموت، ولكنّ حرص المعاني على أرضه وبلده، في لحظة تاريخية، وضعت في روحه إشارات الغيب، ورحمك الله يا الزميل الصديق الحبيب.