«جرش» يعمم الفرح في مواجهة التطرف وقتامة الراهن
أخبار البلد - حسين نشوان
اختتمت فعاليات جرش في المدينة العتيقة، لينتقل المهرجان الذي يعد الأكبر في المنطقة لجهة عدد الجمهور والمساحة التي يقوم عليها وعدد المشاركين ودولهم إلى عمان محققاً حضوراً فاق التوقعات «بحسب متابعين».
المهرجان الذي يقام في المدينة التي تعد واحدة من «الديكابوليس» الروماني العشر، كان وصفه رئيس اللجنة العليا عقل بلتاجي بأنه «ثقافي حضاري فني يحمل رسالة الأردن إلى العالم»، بينما قال المدير التنفيذي محمد أبو سماقة: إنه ينشر الفرح في مواجهة ثقافة القتام».
والمهرجان الذي تأسس مطلع الثمانينيات من القرن الماضي بمبادرة من كلية الإعلام بجامعة اليرموك، ظل مخلصاً لحلم الشباب، كما بقي ملامساً للثقافة العربية في تجلياتها الحضارية المشرقة، ولم ينس الهم العربي، معبراً عن ذلك بالتوقف أو اختيار فقرات تعكس الحدث، وتحديداً بما جرى ويجري في فلسطين والعراق، ولم يغب في التعبير عن التداعيات الراهنة المحيطة والتي تعصف بالبلدان العربية باختيار برنامج «متوازن» يساهم في وحدة الثقافة العربية ويقف في مواجهة التشظي، ويحول دون تسرب ثقافة التطرف من خلال تعميم الفرح، رغم بعض الأصوات التي نادت بمقاطعته بوصفه يحث على «الفسق و....»
«جرش» في ظل الظروف المحيطة التي عطلت الحياة في بعض البلدان العربية، كان شمعة وبقعة ضوء، ونسمة فرح، حقق النجاح، وأكد أن الأردن «بلد الأمن الأمان»، وكان متنفساً للعائلات الأردنية والزوار العرب والأجانب، وساهم في مواجهة البطالة من خلال تشغيل عدد من الشباب والفنيين، عمل فيه نحو 300 موظف وعامل وإداري، وسجل المهرجان هذا العام حضوراً وصل إلى 70 ألف شخص، ليزيد من مساحة الموسم السياحي الصيفي بزوار من الخليج العربي، وفلسطين وسوريا وأوربا»بحسب مدير سياحة جرش محمد الديك.
والمهرجان في دورته الثلاثين حظي بمشاركة أردنية كبيرة نحو 70 فناناً، وفر فرصاً لعدد من أعضاء نقابة الفنانين الذين يعانون من بطالة بسبب الظروف المحيطة، وبلغت قيمة العقود مع الفنانين الأردنيين نحو 300 ألف دينار وبالمقابل شارك 1200 فنان وموسيقي محلي وعربي وأجنبي، بينهم 600 مشارك من الفرق، منها عدد كبير من الفرق الأردنية، أما المشاركون في البرنامج الثقافي والأمسيات الشعرية والندوات فوصل إلى 30 مشاركاً نصفهم من المبدعين الأردنيين بين شعراء وكتاب.
وسجل المهرجان الذي استضاف المؤتمر العالمي لاتحاد كتاب أسيا وأفريقيا، وندوة عن مشروع «طريق الحرير» التي شكلت فرصة للتواصل والتنوع الحضاري على امتداد طريق القوافل التجارية التي كانت تمخر الأرض من الأناضول حتى الصين مروراً بالأردن وأنشأت حالة من الوئام والتنوع والتعدد الثقافي.
بالأرقام، فقد سجل صوت الأردن الفنان عمر العبداللات أكبر حضور في الليلة الأولى للمهرجان، ثم الفرقة الهاشمية للإنشاد 5 آلاف، ونانسي عجرم أربعة آلاف وخمسماية شخص، وفرقة الجيل أربعة آلاف شخص، وتراوح الحضور على الجنوبي لفنانين عرب بين 3000 آلاف إلى أربعة آلاف شخص، فيما حققت فرقة ثلاثي جبران حضوراً كبيرا، ومثلها فرقة إبداع من فلسطين بحضور 2600 شخص على مدار يومين، جلهم من فلسطين.
بقي القول: إن جرش المهرجان الذي غدا شاباً، هو جزء من موسم السياحة الثقافية المهمة، أصبح مثل آثار المدينة العتيقة التي تقام فعالياته على مسارحها ثابتاً كأعمدتها الألف، وأمسى موعداً لأهالي جرش والأردنيين والعرب، يواصل المعنى الذي تأسست عليه المدينة قبل ثلاثة آلاف عام، تتنصفها «المربعة» التي تحدد الاتجاهات لمسار القوافل إلى الشام وبغداد ومصر وفلسطين، ليكون مهرجان العرب والعالم ورسالة الأردن للتواصل، يمتزج فيه الماضي بالحاضر والمستقبل، ويشكل جسراً للتواصل مع ثقافات العالم وتنوع فنونهم، ويعمم الفرح في مواجهة ثقافة التطرف والموت وقتامة الراهن.