الفساد إن حكم .. لا أعلام البيضاء
الفساد إن حكم .. لا أعلام البيضاء
الفساد في الأردن،كما أفعى دخل رأسها في الجحر وجرت ذيلها واختفت في باطن الأرض،لم يستطع احد الحاق بها أو التمكن منها،كونه يعلم أنها اما ستلدغه،واما ستأخذه معها إلى باطن الأرض وتستفرد به،وفي كلتا الحالتين،هو خاسر لا محالة.
الفساد هنا يأخذ هذه الصفة،بحيث يأتي المسؤول لبضع شهور أو سنون،يدخل رأسه وجسده ويديه ورجليه في جحره،لا يخرج منه،وكل من يحاول الولوج اليه وإسقاطه،فانه يلدغه فلا يقترب منه ويكن عبرة لغيره.
في عين الوقت أن نجد رموزه او لنقل المشبوهين،يصولون ويجولون في الأردن للحديث عن قوة الدولة والوطنية والولاء والانتماء،وهم أول من ضرب أساسات الأردن،هؤلاء يستقبلون في وسائل الاعلام،كما في الصحف،كما الوزارات،كما في الجامعات وغيرها،بعين قوية وقحة،مع أن ملفاتهم مازالت قيد التحقيق!!!
للفساد صور :
1- هناك فساد معروف،تقوم قواعده على سرقة أموال الدولة،من قبل موظفيها،غالبيتهم من أصحاب الطبقة العليا أثناء فترات خدماتهم.
2 - هناك فساد يقوم على منح وظائف الدولة العليا،لأسماء بعينها،لأبناء وأقارب مسؤولي النوع الأول،بحيث يصير هؤلاء بمثابة قاعدة متقدمة،لإطلاق وحماية فساد أولئك،بواسطة تقديم تسهيلات تخدم مصالحهم،ما يعني تقوية الدائرة المغلقة التي تحيط هذه الفئة.
3- هناك فساد متعاظم ومربح،يقوم على منح العطاءات لأسماء معنية،تابعة للنوعين السابقين،للعمل على قفل الدائرة المغلقة،لتمنع دخول أي طرف لا علاقة له بالأخريات الى الدائرة،لايمانهم بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يمنع الحاجة الى الآخرين.
4- هناك فساد خطر جدا،يمكن ربطة بالحكومة التي تدعي الإصلاح،هذا الخطر يتأتى من أعطاء الشرعية للفاسد،لتطوير أساليبه وحافزا للاستمرار،لأنها أي الحكومة لا تأخذ ملفات الفساد باعتبارها ملف واحد،وإنما تعمل وفق وصفات انيه،تفتح باب التحقيق في ملف،وترك أخرى مغلقه.المؤسف في هذا الملف هو أتباع منهج الاختيار الحكومي المبني على أخذ آحاد الملفات بمقابل ترك العشرات منها.
هل من يصح فتح ملفات حكومة البخيت الأولى،والرفاعي والاكتفاء بهما،دون العودة الى منصة انطلاقته الأولى،الا يتطلب هذا العودة الى حكومات الروابدة وأبو الراغب والفايز وبدران وصولا الى الحكومة الحالية.لنعد سويا الى حكومات سابقة ونسل ماذا عملت،ماذا اقترفت؟
أن تحركات الحكومة خلال الفترة الماضية في تعاطيها مع ملفات الفساد تتسم بالتناقض الظاهرى،كونها تقوم على الاختيار لا على الترتيب،وعلى اخذ البعض دون الكل،مع أن هناك ملفات غاية في الخطورة،مسكوت عنها منذ زمن.خصوصا أن الأزمة الراهنة،تختلف نوعيا عن السابقات،كونها مزمنة طالت الجميع ولم تترك أحدا من شرورها.
هذا أن أريد اخذ موضوع الإصلاح ومحاربة الفساد ومعاقبة أزلامه بعين من الجد لا عين التعامي والضحك على الشعب بواسطة فتح ملفات تخديرية تعمل على إسكاته وتناسي أخرى مختومة بالشمع الأحمر،ذات قيمة أكثر واكبر.
القصة ليست قصة سجن فلان أوعلان،القصة قصة استعادة هيبة الدولة،واستعادة أموالها،واستعادة مواردها.أما أن امتثلت الحكومة الأردنية لإرادة الفساد المؤسسي،فأننا جميعا سندخل في أتون مراحل عجاف ستأكل الأخضر واليابس،ولن تستثني أحدا.
خاصة،وأن بلادنا مفتوحة مباحة"مشاع"للحرامية الفاسدين وقطاع الطرق المنتشرين،محزونون نعم،لكننا لن نطالبهم بصكوك الغفران،كوننا سنقف بوجوههم.الأردن أغلى واهم عندنا من الجنة،لانه الطريق اليها،لذا لن نسمح لهم،أخذنا الى النار. لقد حملنا هذه الأرض في القلوب والعقول، وعلى الأكتاف أجداد أبناء أحفاد.
الله يرحمنا برحمته ... وسلام على أردننا الهاشمي ورحمة من الله وبركه.
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com