الصحافة الإلكترونية وحرية الرأي

الحريّة شرطٌ أساسيّ من شروط نجاح العمل الإعلامي وارتقائه وتقدمه، إلاّ أن بعض المواقع الصحفية الإلكترونية تفهم الحريّة على خلاف الغاية التي وجدت من أجلها، وهي خدمة المجتمعات وتطويرها، ولذلك نرى بعض هذه المواقع تدير ظهرها للمعاني النبيلة للحريّة وتنصرف إلى البحث عن أخبار الإثارة وترويج الإشاعات ونشر الأوهام التي تسيء للوطن ورموزه الاجتماعية والفكرية والسياسية وسواها.

إن الممارسات السلبيّة التي تصدر عن عدد من الصحف الإلكترونية لا علاقة لها بالحريات الإعلامية، لأن إطلاق الحريات الفكريّة والإعلامية يختلف عن إطلاق العنان لبعض المواقع الإلكترونية في الإساءة للناس واغتيال الشخصية وابتزاز الأشخاص والتشهير بهم بدوافع مشبوهة وغير موضوعية.
ومع أنني لا أشك بوجود مواقع صحفية إلكترونية ملتزمة بأخلاقيات المهنة وأصول العمل الصحفي ويديرها ويملكها إعلاميون محترفون ومؤهلون نكنّ لهم كل الاحترام والمودة، إلا أن انتشار مواقع صحفية إلكترونية غير ملتزمة قد يتسبب من حيث تقصد هذه المواقع أو لا تقصد بشق صفوف المجتمع والعبث بوحدته وتماسكه وتلاحمه وقيمه، ممّا يشكل خللاً بالغ الخطورة لا بدّ للجهات المختصة أن تتصدى له وتعمل بكل ما تستطيع على وضع حدٍّ لهذه الممارسات وما ينتج عنها من فساد وإفساد، فقد أصبحت هذه المواقع شكلاً بالغ الخطورة من أشكال الفساد الذي تزعم أنها تحاربه وترصده وتتعقبه، فهي لا تقوم فقط بترويج الإشاعات والأكاذيب وتضليل الرأي العام، بل إنها تقلب الحقائق بتجميل صور الفاسدين الحقيقيين وتبرئتهم في مقابل تشويه صورة الوطنيين المخلصين والصادقين النزيهين والإضرار بسمعتهم.
لذا فإنني أدعو أصحاب المواقع الإلكترونية الملتزمة التي تعمل لمصلحة الوطن وأمن المجتمع وسلامته وتلاحمه وتسعى إلى إبراز الحقائق وليس العمل للمصالح الشخصية فقط، أن يتصدوا للمواقع التي تسيء لسمعة الصحافة الإلكترونية برمتها وتجلب لها النقد اللاذع وتؤثر سلباً في ثقة الناس بالمواقع كافّة.
كما أتمنى على المؤسسة القضائية عدم التساهل مع مزوري الأخبار ومروجي الأكاذيب والافتراءات في هذه المواقع، لأنها بعملها هذا تعيق العدالة وتضللها وتضيع الحقيقة وتشيع التوتر والعنف بين أبناء المجتمع.
كما أدعو نقابة الصحفيين الأردنيين إلى عدم قبول صاحب أيّ موقع يسيء للوطن وأبنائه ورموزه دون وجه حق في عضويتها.
إن ما تقوم به بعض هذه المواقع هو صورة من صور التطرف الذي يصرف الناس عن المضي في أعمالهم وإنجازاتهم إلى الانشغال بالرد على التهم والافتراءات المنسوبة إليهم، ممّا يعيق تطور المجتمع وتطور أداء أبنائه ومؤسساته.
إنّ الحرية التي علينا جميعاً أن ندافع عنها ونطالب بها هي حريّة الرأي والفكر وليس حريّة الإساءة للمجتمع أفراداً ومؤسسات.