لانا مامكغ: شخصية عصامية حاولت أن ترسم الغمام

اخبار البلد - خالد أبو الخير
تعرفت على قلمها حين كانت تكتب في جريدة "الاهالي" اليسارية مطلع التسعينيات، بيد انها لم تكن عضوة في حزب " حشد" الذي كان يصدرها.

مقالاتها تميزت بالهدوء والرصانة والميل للأدب والقضايا الانسانية على الأعم، تعكس شخصيتها، وربما لأن بدايتها كانت في "الرأي"، عندما كانت تكتب في صفحة " القراء" ثم اسند لها الراحل محمود الكايد مهمة كتابة زاوية اسبوعية العام 1986.. لم تكن ممن يغردون خارج السرب.

قالت مرة: أنا موجودة بين سطور كتاباتي، وقد اصابت.

تتحدر لانا محمد خير علي مامكغ من اصول شركسية، ويمكن القول انها تجسيد لشخصية سيدة عصامية، تعبت وسهرت وكدت حتى حققت الكثير.

بعد زواجها وانجابها طفلين، وانهماكها في تربيتهما، قررت ان تواصل تعليمها.. وعادت طالبة على مقاعد الدراسة رغم مسؤولياتها الكبيرة كزوجة وأم.

درست الفنون الجميلة بمعهد الموسيقى والفنون الجميلة اولاً، فقد كانت تطمح ان تصير فنانة تشكيلية ترسم الغمام، لكنها تحولت لدراسة الاداب في الجامعة الاردنية وتخرجت بتفوق عام ١٩٩٢، مما دفعها الى التفكير الجدي بإكمال الماجستير والدكتوراة.. وهكذا كان.
الشابة الطموحة، متعددة المواهب، كانت ما تزال في طور البحث عن اداة التعبير، بين الشعر والرسم والادب.
تتصف ببشاشة الوجه والدفء الذي يشيعه حضورها وبساطتها وتلقائيتها.. ويسر مقربون منها بأنها طيبة القلب وانسانة.
اثناء عملها التلفزيوني ومحاضراتها الاكاديمية اكتشفت قدرتها على التأثير، ولطالما غمر طلبتها وضيوفها حضورها البهي، أيامها.. وخصوصا عند تقديمها برنامج "اضاءات" عملت بجهد على التجدد المعرفي، وقرأت أكثر مما تستطيع أن تحصي.
ايقونتها الاساسية هي التواضع، وتقانها فن الاستماع الذي يفتقد اليه جل الناس، ولطالما امضت اوقاتا في الاستماع الى طلبتها، وحتى الى أطفال تلتقيهم.. فهي ترى أن الحكمة قد تأتي من أي كان.
لزوجها الذي رحل بغتة كل التقدير في نفسها، فالراحل لطالما دعم عملها وانجازها، وكان بحق عامود البيت الذي تستند اليه. واليوم يغمر ابنائها حياتها، وأحيانا تسميهم اصدقائها.
السيدة التي ذهبت الى الاعلام من تلقاء نفسها وجدت فيه افقاً رائعاً وممتعاً، وفرصة للتعلم والاستزادة، واكتسبت منه الكثير ووسع من رؤاها وتطلعاتها.
من اقوالها: على الطلبة الا يكتفوا بالانجاز السهل وهو الشهادة، اما الانجاز الصعب فهو اكتساب المعرفة.
يتعبها ان السياسيين لم يصلوا بعد الى تسوية تتيح ازدهار الحياة والفرح والأمل على هذا الكوكب.. ليعم السلام.
ومما يتبعها انخفاض ميزانية وزارة الثقافة الى حد وصفتها فيه بأنها لا تكفي لسوبر ماركت. وهي التي.. تتطلع الى الابداع.
حاسدوها وخصومها استكثروا عليها ان تصفق بفرح لعمر العبدلات في مهرجان جرش، وكأن " الوزيرة" يبنغي أن تبقى محتفظة بالتجهم في أوج الحياة.

السيدة التي لعبت بالتراب والهواء والماء في جبل عمان إبان طفولتها، لطالما تذكرت كلما مرت في تلك الدروب، وعاينت البيوت التي كساها الماضي واشجار الصنوبر الباقية، ان المدى للريح: فكن كالريح وجد للمدى.. مدى.
.. ما تقدم محاولة لرسم صورة كاتبة وأديبة عشقت الحرف والعمل وشقت طريقها في الصخر.. لتزهر الحياة.