التربية والتعليم اولا

قال رئيس الوزراء بكلمته في افتتاح مؤتمر التطوير التربوي ان هذا المؤتمر من أهم المؤتمرات التي تعقد في الأردن هذه الفترة بينما الأدقُّ من ذلك أنّ الواقع المحلّي يتطلّب ان يكون هذا المؤتمر هو الأهم بالنسبة للوطن والمواطن الأردني على حد سواء لأنّه يتعلّق ببناء المواطن وتحديد معالم شخصيّته المقبلة ويحدِّد معالم تنمية الوطن وتطويره وموقعه بين الدول المتقدِّمة مستقبلا .
وقد بحث المؤتمر في ثلاث محاور رئيسة أول تلك المحاورهي خطّة الإصلاح التربوي مشتملة على التعليم والتعلُّم وتطوير امتحان الثانويّة العامّة ونوعيّة التعليم وتدريب المعلمين وتكنولوجيا المعلومات بينما يشمل المحور الثاني التعليم والتدريب المهني لتلبية حاجات التنمية الشاملة واحتياجات السوق المحلّي والإقليمي ويتضمن المحور الثالث قضايا الإدارة والتشريعات مشتملة على تحسين النوعية من خلال المسائلة والتميُّز والتشاركيّة المجتمعيّة والإنفاق على التعليم وألإدارة اللامركزية وغير ذلك من برامج .
ولكن الذي يبعث على التساؤل هو ماذا فعلت الحكومات المتعاقبة منذ انعقاد المؤتمر الوطني الأول لتطوير التربية والتعليم عام 1987 أي قبل ما يقارب ثلاثون عاما حتى وصلنا الى هذه النتيجة حيث مئات المدارس في المدن والأرياف لم ينجح بها احد في امتحان الثانويّة العامّة بعد ان درس الطالب لمدّة اثني عشر عاما ولا يستطيع الحصول على علامة تؤهله على النجاح واستمرار مسيرته التعليميّة ؟؟؟
وهنا يجعلنا في حيرة من امرنا فهل السبب في التربيةالأسريّة والمدرسيّة والصحبة السيئة ام هل السبب في المناهج وشموليتها وتناسبها مع القدرة الإستيعابيّة للطالب في مختلف مراحل سنِّه ام هي في كفائة الجهاز التعليمي كمّا ونوعا وعدم وجود اساليب تعليميّة لدى ذلك الجهاز لكي يوصل المعلومة للطالب ام هي في عدم كفائة الجهاز الحكومي في إدارة العمليّة التعليميّة في البلد بحيث تتخبّط في قراراتها ورؤيتها لتلك العملية التعليميّة من حيث المعطيات والقدرات والمخرجات !!!
ويجب التفكير في كل المحاور السابقة إضافة الى تأثير العوامل المحيطة على الجهاز التعليمي وعلى متلقّي المعلومة سواء كانت تلك العوامل إقتصاديّة او إجتماعيّة أو سياسيّة أو معرفيّة او حتّى عوامل أمنيّة داخليّة او خارجيّة كتلك الظروف الصعبة التي تمرُّ بها دول الإقليم والجوار وتبعات تلك الظروف التي أدّت الى تدفُّق مئات الألوف من الطلبة الوافدين كلاجئين لبلدنا الآمن وتأثير ذلك على العملية التعليميّة بكل محاورها من مدارس واجهزة دراسية وتعليمية وموارد ماليّة وامكانات متاحة وخدمات متوفِّرة وبرامج وفعاليات منهجية ولا منهجيّة !!!
وكثير من الحضور في هذا المؤتمر كانو قد تقلّدوا اعلى المناصب والمراتب التربويّة خلال الثلاثين عاما الماضية دون اي انجاز يذكر لإصلاح العملية التربويّة واكتفى عدد من اولئك المسؤولون بإنشاء كليات جامعية متوسطة وجامعات بقصد الربح المادي فقط بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن .
وقد عمل وزير التربية الحالي خيرا حيث عمل على امرين اساسيّين اولهما إعتماد الصدق والمصداقية في الإعلام والإعلان عن خطوات وقرارات تتعلق بالعملية التربويّة وثانيهما انه اعاد بدرجة عالية الهيبة للدولة فيما يتعلق بالعملية التربويه وامتحان الثانوية العامة ومن خلال التنسيق بين كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة .
وقد أشار نائب برلماني في حديثه امام المؤتمر باننا نعيش عقدا أسودا في المنطقة، حيث سيادة الفكر الظلامي والمتطرف والإرهاب الذي يجد جذوره في ثقافة منحرفة بعيداً عن الإسلام السمح والمعتدل، والمؤتمر جاء ليبحث سبل حماية الجيل من هذا الخطر الذي يحيط بنا في منطقة ملتهبة، فالمسألة التربوية تبدأ منذ الطفولة من خلال المناهج وأساليب التدريس ناهيك عن ان التدريس يعتبر كحجر زاوية في التنمية والتطوير وبناء الإنسان , وقال بأن التعليم أصيب بالترهل والتراجع، فنياً ومضموناً، بدليل نتائج امتحانات الثانوية العامة، حيث تجد المدارس التي لم ينجح بها أحد، كما تجد المعلم غير الملتزم في مدرسته، وطلاباً في الصفوف الوسطى شبه اميين، ونسب النجاح لمرحلة الثانوية العامة متدنية جداً في كثير من المدارس، كل هذا يدق ناقوس الخطر ويجب لهذا المؤتمر ان يكون اهم مؤتمر للوطن والمواطن على الإطلاق وكما اننا نعمل على ان يكون الأردن أوّلا في كل شيئ , فيجب ان تكون التربية والتعليم أوّلا كذلك , بحيث تشمل العملية الإصلاحيّة المناهج أوّلا ومحوري العملية التربويّة وهما الطالب والمعلِّم من حيث التوعية والتثقيف والتدريب والترغيب والتعليم وكذلك الإهتمام بالمرافق التعليميّة ودراسة المساقات الجامعيّة بما يتناسب مع متطلبات السوق المحلّي والخارجي لنحصل في النهاية على عمليّة تربويّة مستدامة تكون ركنا اساسيّا في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة في الوطن الأعز الذي يسكن في قلوبنا جميعا .
احمد محمود سعيد 4 / 8 / 2015