إلى شواطيء طرابلس
.......الى شواطيء طرابلس
في مثل هذا الشهر من عام 1805 قامت قوات البحرية الامريكية المارينز بأول انزال بحري خارجي بتاريخها وخاضت البحرية الامريكية اول معركة برية خارج الولايات المتتحدة الامريكية ، كان الانزال في ليبيا والمعركة معركة درنة ، كانت درنة اول احتلال في التاريخ الامريكي قد جاء ذلك ردا على هزيمة 1803حين هزمت البحرية الليبية الاسطول السادس الامريكي ،"الذي كان بقصف طرابلس " ،واسرت اكبر مدمراتة "المدمرة فيلاديلفيا" مع اكثر من 300 بحار وهو ما شكل علامة فارقة في تاريخ البحرية الأمريكية ، التي اعتمدت منذ ذلك التاريخ نشيد "من تلال مونتيزوما الى شواطيء طرابلس " كنشيد المارينز الوطني.
كان هذا في سياق الحرب الليبية الامريكية 1801-1805 أو ماعُرف ب"حرب السنوات الأربعة" وكان حاكم ليبيا يوسف باشا القرةماللي ..اول رئيس دولة يعلن الحرب على الولايات المتحدة بعد استقلالها وذلك بعد ان رفض الرئيس الأمريكي ثوماس جيفرسون الاستمرار في دفع ضريبة المرور في البحر المتوسط للحكومة الليبية .
في العام 1826 اعتمدت البحرية الامريكية السيف الليبي " سيف أحمد القرمانلي "كسيف رسمي لضباط البحرية الامريكية في المراسم وهذا لا زال ساريا حتى اليو م ويلبسه الضباط في المراسم.
الشعب الليبي شعب عظيم له جذور ضاربة في اعماق الحضارة البشرية، منه جاءت السلالة الفرعونية الثانية والعشرين بفرعونها العظيم شيشنيك الأول الذي وحد مصر ثم انطلق عبر غزة الى القدس فالكرمل وقوض الدولة العبرية في العام 925 قبل الميلاد.
ومن وتونس إلى ليبيا امتدت الدولة الفنيقية التي تحدت روما غزتها بقيادة هانيبال .
وفي العصر الروماني كانت ليبيا مقر البنتابوليس "المدن الخمس" العامرة وفي سنة 139 ميلادي اصبح الليبي لوشيوس سيبتموس سيفيروس Lucius Septimius Severus امبراطورا على روما وكانت سلالته آخر سلالة تحكم روما قبل انقسام الامبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي الى شرقية وغربية.
وفي ليبيا ولد القديس مارمرقس الرسول الشهيد ومؤسس الكنيسة القبطية قبل ان يرحل الى فلسطين ويتتلمذ على يد السيد المسيح ومن ثم يعود الى ليبيا التي كانت أول موطن للدعوة المسيحية في القارة الإفريقية، على يد القديس القادم من صحبة المسيح عبر اليونان ثم الى مصر.
في العصر الاسلامي كانت احد منطلقات دولة الاغالبة لحكم صقليا وجنوب ايطاليا وسردينيا ومالطا .
وليبيا كانت معبر الفاطميين الى مصر لتأسيس دولتهم وبناء القاهرة حاضرة للعرب والمسلمين وبعدها كانت ليبيا معبرا و موطنا من مواطن بني هلال في تغريبتهم وتعريبهم للمغرب العربي .
ومن ليبيا خرجت واحدة من اهم حركات الاحياء والاصلاح الديني في العالم العربي والاسلامي وهي الحركة السنوسية وقد اقترن اسم هذه الحركة بإسم احد اهم شيوخها عمر المختار الذي يرجع نسبة إلى قبائل بني مناف بن هلال بن عامر أولى القبائل الهلالية التي دخلت برقة، بعلمٍ وشجاعةٍ واقعيين تفوقا على اسطورية جده "ابو زيد الهلالي"،تصدى عمر المختار للإيطايين من بداية غزوهم لليبيا عام 1911 وبقي يقاتل بعد ان استسلمت الدولة العثمانية وتنازلت عن ليبيا، حتى ايلول "نعم أيلول"1931 حين أُسر وحكم عليه بالإعدام واستمرت روحه تقاوم حتى استقلال ليبيا وربما حتى اليوم فهو القائل على حبل المشنقة "نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت.... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والاجيال التي تليه... اما أنا... فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي." عمر حافل بالعلم والجهاد
ويسجل التاريخ للمختار وليبيا والليبيين انهم اول من تصدى للفاشية وحاربها.
من شهر 6/ 1940/ وحتى شهر 5/ 1943 شهدت ليبيا وعلى الخط الساحلي نفسه سلسلة معارك الكر والفر بين قوات المحور"المانيا وإيطاليا" والحلفاء "بريطانيا وامريكا" طااردت تلك القوات بعضها في الاتجاهين من الغرب للشرق تقدم الفيلق الافريقي بقيادة رومل من طبرق التي شهدت اكبر هزيمة في تاريخ الجيش البريطاني "العار" بحسب تشرتشل، وحتى العلمين بين مرسى مطروح والاسكندرية حيث هُزم و تغير الميزان و معه تغير اتجاه المطاردة من الشرق للغرب حيث طارد الجيش الثامن بقيادة مونتغمري الالمان والايطاليين من العلمين الى طبرق وبنغازي واجدابيا حتى تونس حيث كان ينتظرهم ايزنهاور وباتون ، هُزمت قوات المحور وتم اسر 275 الف عسكري ايطالي والماني في هذه الحملة المعروفة بحملة شمال افريقيا وكانت من العلامات الفارقة في مسار الحرب العالمية الثانية .
بعد الحرب العالمية الثانية اتفقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949 م على مشروع (بيفن- سيفورزا) الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان وكاد هذا المشروع المؤامرة ان يؤدي الى تقسيم ليبيا الى ثلاثة دول لولا يقظة الشعب الليبيي وحيويته ونضاله الذي أصر على أن تكون ليبيا موحدة ...وهكذا كان...
ذات ايلول حزين سقطت ليبيا في يد الدكتاتورية وبدأ خريفها الطويل
حكم القذافي ليبيا 42 عاما الحق خلالها الضرر بليبيا وبكل مايمت لليبيا بصله ، أدخل البلاد والعباد في نفق مظلم ، اوضاع معيشية رديئة ، اوضاع تعليمية رديئة ، لاحرية ولا نظام ، اقتصاد مضطرب ،نطام سياسي مضطرب ، حياة اجتماعية مضطربة
دكتاتورية ثقيلة الوطأة وشمولية تتدخل بكل تفاصيل الحياة،و أوليغارشية باولاد ثقيلي الظل ، ثخيني العقل، متبلدي الاحاسيس ، منفلتي الغرائز ، يتحكمون بثروات البلاد ورقاب العباد.
نظام سياسي غريب تبنى الاسوأ من كل الانظمة ، من الانظمة "الاشتراكية" غياب الحرية ومن الانظمة الرأسمالية غياب المساواة، ومن الانظمة اللاتينية الدكتاتورية ، ومن الانظمة الافريقية الفساد ،ومن الانظة العربية التوريث ، ومن القبلية جاهليتها،بؤرة لتجميع الظلام وتشتيت الضوء .
تسلط وقهر وغطرسة ونهب وشذوذ.
في الفصل الأول من حكمه انفق المليارات على عمليات رعناء إذا أحسنا الظن، مشبوهة إذا لم نحسنه مثل عملية لوكربي واخواتها وفي الفصل الثاني انفق اضعاف ذلك تعويضات واعتذارات عما بدا منه في الفصل الاول وفي الفصل الثالث اتهم الناس بالتحشيش والتسطيل ثم اعلن الحرب على الشعب.
أساء القذافي لكل ما ومن تعامل معه بل لكل فكرة تبناها ، اساء للوحدة وفكرة القومية العربية حين تبناها برعونة ،اساء لإسم القائد العظيم هانيبال، أساء للإسلام بسيفه البادح ، للقرآن حينما وزعه على العارضات في ايطاليا اللواتي كان يجمعهن في جلسات شرود عقلي و شذوذ جنسي واخلاقي ليدعوهن للاسلام !!،اساء لفلسطين والفلسطينيين للبنان واللبنانيين،لمصر والمصريين ،اساء للشعب التونسي العظيم وثورته, اساء للشيعة وللسنة .
اساء لأفريقيا حين أعلن نفسه ملك الملوك ، اساء للنفط وحوله من نعمة الى نقمة ، اساء لإسم اول الشهر وللشهر نفسه للون الاخضر،للخيمة العربية،للزي العسكري،للنساء اللواتي تلاعب بهن لحراسته ، أساء للغة لكلمة جماهير ،لكلمة شعب, لكلمة ثورة, اساء للثورة نفسها التي تحولت من ثورة سلميه الى حرب أهلية ومن أُلفة الشعب الى مجاهل التدخل الخارجي .
القذافي وابنائه مثل الثنائي بادوليو وجريتسياني" حاكم ليبيا الايطالي وقائد قواته " اللذان اسسا " المحكمة الطائرة" وهي هيئة قضائية تتنقل بطائرة خاصة من منطقة لمنطقة لإصدار احكام الاعدام وارتكبا ابشع الجرائم بحق الشعب الليبي،باستخدام غارات الطيران والقصف بالغازات السامة .
الشعب الليبي الذي انتفض على القذافي يواجه الآن محنة كبرى ، فسنوات حكم القذافي جعلت الأرض بوارا والمدن بلقعا والبلاد قاعا صفصفا قد أُفرغت من كل نشاط سياسي أو جيش وطني أو حزب متماسك فباتت الناس قليلة الحيلة كثيرة الحيرة ، بدون خبرة سياسية او عسكرية ،لم تستقر على شكل محدد للعمل ،لا كتل بشرية كثيفة كما في اليمن ومصر ولا "جيش" وطني يحمي كما في تونس ، بلاد واسعة ومسافات شاسعة وكثافة بشرية قليلة في مواجهة سلطة متشبثة وغير محدودة الموارد، ظهرها الى الحائط وفوهاتها الى الشعب
الخشية ان يطول الامر بهذه الحرب المريضة فتُرهق الناس وتعجز عن الحسم وتسوء الاحوال المعاشية وتصبح البلاد فريسة للمتربص في الخارج وللفتنة والتقسيم والفوضى في الداخل.
في شهر 2/1924-رجب 1342 كتب ثلاثة مجاهدين ليبيين كبار عمر المختار،يوسف المسماري وعلي العبيدي المذكرة التالية بعد لقائهم إدريس السنوسي في مصر " بعد السلام علكم ..نخبركم بأننا وجميع أهل وطنكم العزيز في حالة صعبة وخوف شديد من العدو الذي استولى على جميع الوطن ..مشتتين بلا نظام لنا ولا انتظام وأصبحنا وكأننا سفينة في وسط البحر لا نعرف عرب من شرق ...قطعنا على انفسنا بأننا لا نسلم للعدو وندافع عن انفسنا وديننا ووطننا الى آخر قطرة من دمائنا..ولكن نحتاج الى المساعدة بكل شيء بالسلاح بالعتاد والنقود والارزاق والكساوي ..فاالله الله ..الغوث الغوث ..العَجَلَ العَجَلْ بما تستيطعون بقليل او كثير "..!!
اليوم
الشعب الليبي بحاجة الى وقفة جادة من اشقاءه العرب ، الصمت الرسمي غريب ومريب والصمت الشعبي غريب ومعيب.