أين عقوبة الكذب في بلاغات الفساد ؟!

فتح مشروع قانون النزاهة الوطنية الباب على مصراعيه أمام أي مواطن عرف أو سمع عن شبهة فساد، الاخبار عنها، ومنح المبلغ حصانة مطلقة لا بل هدد بمعاقبة من عرف ولم يبلغ , فماذا عن الوشاية الكاذبة وحماية المتضرر منها ؟.
يكفي أن يرسل أيا كان بورقة غير موقعة ولا موثقة أو بريد إلكتروني الى الهيئة يقول أن فلاناً فاسداً , لبدء التحقيقات للتأكد من صحة البلاغ , فتبدأ الهيئة بجمع المعلومات التي غالبا ما تكون من داخل الشركة أو المؤسسة التي يرأسها «الهدف « أو إستدعاء موظفين لسؤالهم عن بعض المعلومات , وسرعان ما تنتشر الأخبار وتتناقل في أوساط الرأي العام كما النار في الهشيم , وإن ثبت أن البلاغ كاذب , كلمة « آسفين « تكفي وغالبا ما تكون الهيئة غير مضطرة لها لأن الهدف لم يخضع الى تحقيق رسمي , ويذهب كل الى سبيله , فيجمل المبلغ عنه صفة فاسد محتمل على الأقل في محيط عمله , بينما لا يعرف أحد شيئا عن صاحب البلاغ !!.
الوشاية الكاذبة تنطبق على الاف البلاغات المحفوظة و فتح الباب على مصراعية , وفر بيئة خصبة لشيوع «الوشاية» وبينما كان الرأي العام يتناقل كما النار في الهشيم أنباء سقوط فاسد هنا أو هناك لم نسمع بأن واشيا كاذبا قد عوقب , فالوشاة يفلتون ولا يذكرهم الرأي العام بسوء بينما يكمل الأبرياء مسيرتهم كمنبوذين حتى بعد حفظ القضايا.
ليست الصراعات والحروب والتطرف فقط هي ميراث ما يسمى بالربيع العربي , فمجتمعات الوشاية من أبرز مواليدها.
بعض البلاغات كيدية , والمشكلة ليست في تلقيها , بل في تسريبها الى الرأي العام عبر الصحافة والمواقع الإلكترونية وعبر المجالس الخاصة والعامة حتى لو كان مجرد خلاف بين رئيس ومرؤوس وراء بناء قضية فساد.
يستسهل الشكاة والمبلغين تقديم البلاغات دون التعريف بهويتهم حتى لو عرفوا فلا عقوبات ستلحق بهم لا بل إن القانون يحميهم وفي نهاية المطاف يتحقق هدف إغتيال الشخصية وهو ما يسعى اليه الواشي المتمتع بالحماية من الملاحقة والمحاسبة فتضيع الحقائق في مستنقع الإتهامات والشائعات.