تثبيت الدينار بالدولار تجربة ناجحة بجميع المقاييس

ليس صحيحاً ما نقول ونكرر من أن سعر صرف الدينار مستقر ، ففي خلال سنة واحدة ارتفع سعر صرف الدينار بنسبة 23% مقابل اليورو ، وارتفع بنسبة 13% مقابل الجنية الاسترليني ، والنتيجة دينار قوي جداً ، ليس بسبب قوة ذاتية للاقتصاد الأردني او ضخامة الصادرات الوطنية ، بل لأنه مثبت بالدولار الأميركي منذ عشرين عاماً ، ويتمتع بالتالي بنفس مزايا الدولار.
في وقت ما خلال التسعينات من القرن الماضي كان صندوق النقد الدولي يضغط باتجاه تخفيض الدينار مع أنه لم يكن بالقوة الحالية ، أما الآن فإن الصندوق يؤيد بدون تحفظ استمرار ربط الدينار بالدولار ، كما أن المساس بهذا الارتباط غير وارد في قاموس الحكومة أو البنك المركزي.
قوة العملة المحلية ليست منافع كلها ، فقد يكون لها أبعاد سلبية مفهومة مثل تشجيع الاستيراد وتثبيط الصادرات ، والتأثير سلباً على السياحة الواردة وتشجيع السياحة للخارج ، كما أن الدينار القوي يزيد عبء الدين على المقترضين.
لكن استقرار سعر الصرف تجاه الدولار له ميزات هامة في مقدمتها كسب ثقة المستثمرين ، وجذب رؤوس الأموال من الخارج دون الخوف من تحمل خسائر فرق العملة ، والإسهام في السيطرة على التضخم ، وتأكيد الثقة بالدينار ، والحيلولة دون الدولرة. وبدلاً من هروب رأس المال للخارج ، أو تحويل المدخرات من الدينار إلى عملات أجنبية ، حدث العكس ، أي عودة رؤوس أموال من الخارج ، وتم اجتذاب أموال عربية بدلالة نمو ودائع غير المقيمين.
القرارات الاقتصادية تشبه الأدوية ، يقصد بها أن تعالج مشاكل معينة ، ولكن لا بد لها من آثار جانبية غير مرغوب فيها. ومن هنا فإن عملية صنع القرار الاقتصادي هي نوع من المقارنة بين المنافع والأضرار. وبالنتيجة هناك فئات تستفيد من القرار الاقتصادي وفئات أخرى يلحقها الضرر ، فمصالح الأفراد والجماعات ليست بالضرورة مطابقة دائماً للمصلحة الوطنية.
في وقت ما كان سعر صرف الدينار موضوعاً خلافياً يحتمل الأخذ والرد ، ولكن التجربة العملية حسمت الموقف ، فالدينار المثبت بالدولار خدم الاقتصاد الوطني ، وحقق الاستقرار النقدي ، وعزز الثقة العامة ، وكان وما يزال تجربة ناجحة بجميع المقاييس.