شهيد قرية (قلائد العنبر) ..دوما!


أرجو أن يسمح لي ذوي الطفل الرضيع الشهيد(علي) الذي لم يكمل بعد العام والنصف من عمره, أرجو أن يسمحوا لي أن انشر وعلى حال لسانه الطاهر العفيف رسالة إلى أمته العربية بعد أن حُرق في قرية دوما في محافظة نابلس, (علي سعد دوابشة) استشهد حرقا بنار الغدر والإجرام, فجر يوم الجمعة الموافق31/7/2015 نتيجة لاستهداف منزل ذويه وإحراقه على يد الغزاة المستوطنون الإسرائيليون في قرية دوما جنوب مدينة نابلس,..

أمتي العربية, شكرا لكم شكرا, فقد كفيّتم ووفيّتم, لقد أنصفّتم بالحق طفولتنا, وساويّتم بالعدل سكرات الموت فينا, لم تقصروا أبدا, نعم لم تقصروا أبدا, كيف لا وأنا الآن في عالم غير عالمكم, وفي واقع غير واقعكم, أكلي غير أكلكم وشرابي غير شرابكم, أنا الآن على انهار غير أنهاركم, ..

ابعث لكم رسالتي هذه فقط لأطمأن عن (لهايتي) التي كانت قد ربطت فوق سريري, كانت تسليني تارة وتخدعني تارة أخرى, أرجوكم أن تحافظوا عليها ففيها أغنية (بلاد العرب أوطاني), وفيها النشيد الوطني لأمتي العربية,..فيها والهاء تعود على (لهايتي)جميع أسرار أمتي العربية, لن أحرجكم بعد اليوم بسؤال واحد أبدا, لن أسألكم بعد اليوم عن من هو الذي أشعل النار في بيتي, لن أسألكم أبدا بعد اليوم عن قصيدة لن ابكي لفدوى طوقان (عند رؤوسكم ألقي هنا رأسي,..وكيف أمامكم أبكي؟..

يميناً، بعد هذا اليوم لن أبكي..), لن أسألكم أبدا بعد اليوم عن نافذة غرفتي التي كنت اطل من خلالها على عصافير قرية (دوما) الهاربة من بنادق بني صهيون,..وهنا وللأمانة فقد أوصاني احد عصافير قرية (دوما) الهاربة من بنادق بني صهيون وهو يقف على نافذة غرفتي مرتجفا خائفا, أوصاني أن لا ابكي أبدا, حيث غرد وقال: كل عصافير بلادي ستسافر معنا, وان المتأخرين منهم فقط بسبب كتابة وصيتهم, أو بسبب بيع أسرّتهم, لن أحرجكم بعد اليوم بسؤال واحد أبدا, لكن أذكركم, أذكركم أن الاسم الآخر لقرية دوما هو (قلائد العنبر), وان قرية دوما تمخّترت على أكتاف تلالها غزلان جميلة, وحلقت فوق أشجارها طيور الشنار, ومرت بها قبيلة بني هلال, ..أمتي العربية, لن أعاتبكم بعد اليوم, فأعذاركم مقبولة عندي, لن أعاتبكم فقد أنقصتم من شهر رمضان يوما, ومن حمل أمهاتنا شهرا, ومن انهر وطننا العربي نهرا, لن أعاتبكم فقد حاربتم بعضكم بعضا, وسمحتم لبني صهيون أن يحرث أرضكم, وجئتم بالمستوطن ليقتلني حرقا,..

أمتي العربية, لقد حطّمتم (قلائد العنبر), وطردتم من أكتاف تلال قرية دوما غزلانها الجميلة, ومسحتم بأياديكم في دوما آثار قبيلة بني هلال,..مع كل ذلك طلبتم مني أن لا أحرجكم بعد اليوم بسؤال واحد أبدا, أنا ما زلت عند طلبكم, ولن اخبر أبناء جيلي عن مآثركم, لكن أرجو منكم طلبا واحد, أرجو منكم أن لا تأسروا بعروبتكم صرخة أمي, فصرخة أمي ارحم لكم .