حديث ملكي.. يستنهض همم الأردنيين

الحديث الجامع والشامل لجلالة الملك عبدالله الثاني في عاصمة الوطن الاقتصادية وثغره الباسم (العقبة) حفل بالعديد من المحطات ويندرج في اطار خلق حالة وعي وطني بعد أن شخص المرض وقدم الوصفة لعلاج ملفات ساخنة دعا فيها للتشبيك بين الملفين السياسي والاقتصادي اذ لا يمكن تحت اي ذريعة عزل الملفين عن بعضهما.

استثمار الحالة الأمنية الفريدة التي يتمتع بها الأردن في ظل اقليم ملتهب بفضل نظام حكم رشيد ومؤسسات أمنية احترفت فن التعاطي مع المستجدات جعلت من المملكة مثار اعجاب العالم أجمع ومحط أنظار المستثمرين في العالم ما يستدعي السير بمنظومة قوانين وتشريعات تشجع على الاستثمار بالتوازي مع ما تشهده المملكة من أمن واستقرار يبحث عنهما أي مستثمر.
الملك في حديثه دق ناقوس الخطر ودعا الحكومة الى القيام بمسؤولياتها الوطنية تجاه تشجيع حركة الاستثمار والمستثمرين من خلال تذليل العقبات وفتح آفاق جديدة لهم لانشاء مشاريع تستوعب أيادي اردنية عاملة تسهم في تقديم حلول عملية لمكافحة الفقر والبطالة التي يشغل حلها بال الملك شخصياً ومحاربتهما تحتل الصدارة في وجدان كل أردني وأردنية.
الاستثمار يحتاج الى بيئة جاذبة والملك في لقائه بالفعاليات العقباوية رسم خارطة طريق للنموذج الذي يتطلع اليه جلالته في ان يجعل من الأردن قبلة للمستثمرين ورجال المال والاعمال من مختلف الجنسيات والوجهات بعيداً عن بيروقراطية الاجراءات «المنفرة» التي ما زالت تجد طريقاً لدى بعض العاملين في المؤسسات الحكومية مما تشكل عائقاً في وجه تطوير الاستثمار.
الحديث الملكي فيه اشارة واضحة استنهض فيها الملك همم الأردنيين ليشكلوا خط الدفاع الأول عن وطنهم ويكونوا رديفاً وداعماً للسلطتين التنفيذية والتشريعية بهدف تبسيط وتسهيل الاجراءات الحكومية أمام المستثمرين والعمل على ايجاد بيئة محفزة لقيام استثمارات جديدة تقدم حلولاً عملية للارتقاء بالواقع المعيشي وتضع حداً لمواجهة الفقر والبطالة.
جميعنا يدرك ان فرص العمل في القطاع العام باتت محدودة ولم يعد هذا القطاع قادراً على حمل المزيد من اعباء التعيينات بعد ان اصابته «تخمة» أثرت بشكل واضح لا يقبل التأويل على مستوى ونوعية الخدمة وفاقمت من عجز الموازنة المتآكلة اصلاً بفعل عوامل اقليمية ودولية خارجة عن نطاق سيطرة الحكومات ما يستدعي اتاحة المجال امام القطاع الخاص لأخذ مكانته ودوره في حماية الاقتصاد الوطني.
وعلى صعيد الاصلاح السياسي فقد اكد جلالة الملك في خطابات سابقة انه شخصياً ضامن الاصلاح وها هو اليوم يجدد التأكيد انه مع الاصلاح السياسي وملتزم به عبر قوانين الانتخاب والبلديات واللامركزية التي تعد العمود الفقري لأي عملية اصلاح سياسية، فاللامركزية كما يراها جلالة الملك الغاية منها ترسيخ فكرة الحكم الرشيد في المحافظات عبر مجالس محلية منتخبة بمنأى عن الحكومة المركزية بما يؤدي الى ترشيق الأداء وتحسين مستوى الخدمات للمواطن في اطار يحقق الرضى العام عن نوعية ومستوى الخدمة إذ لم يعد مقبولاً ان هذا المشروع الذي تم طرحه منذ نحو عشر سنوات وأكثر بقي حبيس الادراج مما يؤكد ان هناك تقصيراً من الحكومات المتعاقبة في تسويقه لجهة الفكرة والهدف، فالغاية منه اشراك المواطن في عملية صنع القرار وجعله شريكاً رئيساً يظهر صوته بقوة.
الملك في حديثه يطالب بتحويل التحديات الماثلة الى فرص ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية ، فبمقدار ما يكون الوطن قوياً بمقدار ما يوفر مظلة آمنة لجميع ابنائه ويكون قادراً على رفع درجة تحمله لمسؤولياته تجاه عمقه العربي.