البترا ووعود الرئيس
أخبار البلد- باسم الطويسي
مائتان وثلاث سنوات مرت على اعادة اكتشاف مدينة البترا للعالم الجديد وعلى زيارة اول سائح غربي للمدينة الأثرية الفريدة من نوعها في العالم، وسبع سنوات مرت على اختيار البترا واحدة مما سمي عجائب الدينا الجديدة ولا جديد يكاد يذكر في المدينة التي يفترض ان تكون من بين اهم عشرة مقاصد سياحية في العالم.
الوضع في البترا كارثي بالمعنى الحقيقي للكلمة، وكما وصفه الصديق د.محمد ابو رمان في مقالين عرض من خلالهما خيبة كل أردني يزور هذه المدينة؛ بنية تحتية مهترئة وقديمة لا تليق أبدا بمقصد سياحي يفترض انه يستقبل في سنوات الذروة السياحية نحو مليون سائح، وغياب واضح لأثر الدولة في التنمية المحلية، فيما تعاني المجتمعات المحلية من اسوأ ظروف اقتصادية واحباط واحتقان بعد نحو اربع سنوات من الخراب السياحي، وما صب فوقها المزيد من المعاناة ما لحق بالناس هناك جراء ما سمي بـ "تجارة البيع الآجل".
في شهر نيسان 2012 زار رئيس الوزراء د. عبد الله النسور البترا، حينها عبر الرئيس عن صدمته مما شاهده في البترا، وعبر عن اعتذار غير مباشر عن إهمال الدولة الاردنية لهذه المدينة التراثية والاقتصادية على مدى عقود طويلة، واصفا أحوال إقليم البترا بأنها مخيبة للآمال، وأن المنطقة لم تشهد أي تطور منذ أكثر من عقد. وعلى الرغم من هذا الاعتراف الرسمي بحجم الإهمال والتهميش الرسميين الذي يحسب للرئيس وحكومته؛ فانه تبخر في الهواء ولم تشهد البترا أي إضافة.
مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا لا يجد في موازنته ما يكفي رواتب للعاملين لديه، فيما مطلوب منه أن يعمل على تطوير مدينة سياحية في وادي موسى وجوارها تليق بمكانة البترا السياحية والاقتصادية، في منطقة لم تشهد تطويرا حقيقيا وجادا على البنية التحتية منذ عام 1963 حينما شق الشارع الاختراقي في البلدة.
اثناء زيارة الرئيس في عام 2012، قدم مجلس مفوضي البترا 26 مشروعا ومطلبا تعكس تصورا متكاملا لتطوير البنية التحتية في المنطقة. وافق الرئيس عليها جميعا، خلال السنوات الثلاث الماضية لم ينفذ منها اي مشروع، سوى ثلاثة مطالب تشريعية او اجرائية، حيث لم تخصص الحكومة اي مبلغ لهذه المشاريع التي ربطتها بالمنحة الخليجية التي لم تصل. وفي عام 2014 أوعز جلالة الملك للحكومة ان توفر المبلغ المطلوب من صندوق ابو ظبي ولم يحدث ذلك ايضا.
في ظل ازمة السياحة الراهنة أغلقت العديد من الفنادق في البترا، وهناك نحو 15 فندقا ينتظرها الإغلاق خلال أسابيع، وهناك نحو 100 منشأة سياحية شبه مغلقة، في الوقت الذي لم تنل الإجراءات الحكومية للتخفيف من أثر الأزمة السياحية في البترا في الوقت الذي قدمت فيه 200 مليون دينار لدعم الملكية وعشرات الملايين لمؤسسات متعثرة وأخرى نعرف كيف تعثرت.
البترا ليست قصة مجتمعات محلية لها مطالبها؛ نحن نتحدث عن أهم معلم حضاري في الشرق العربي يرتبط بالثقافة العربية، وعن أحد أبرز المضامين التاريخية للهوية الوطنية الأردنية، وأحد رموز الدولة. وإلى جانب ذلك هناك الأهمية الاقتصادية؛ إذ تعد البترا أهم مصدر للدخل السياحي الوطني، وهو مصدر قادر على أن يتضاعف مرات.تصور سلطة البترا متواضع، ولا يحتاج إلى أكثر من 30 مليون دينار. ولكن إذا ما توفر هذا التمويل والإدارة الكفؤة، فإنه قد يحدث فروقا مهمة، ليس في التنمية المحلية فقط، بل وفي عائدات السياحة الوطنية، وفي حماية الموقع الأثري، كما تحسين قدرة إدارات الدولة على تطوير نموذج منتج للسياحة التراثية المستدامة قد تطال اثارها المباشرة ثلاث محافظات مجاورة.