قصة المروض ... والنمر !!!


رحلت الغابات بعيدا عن النمر السجين في قفص ولكنه لم يستطع نسيانها وحدق بعينيه غاضباً الى رجال يسيرون حول قفصه واعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف وكان احدهم يتكلم بصوت هادىء ذي نبرة حادة قائلاً لزملائه اذا اردتم حقاً ان تتعلموا مهنتي مهنة الترويض عليكم ان لا تنسوا في اي لحظة ان معدة خصمكم هدفكم الاول وسترون انها مهنة صعبة وسهلة في آن واحد .
انظروا الان الى هذا النمر انه نمر شرس متعجرف شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه ولكنه سيتغير ويصبح وديعاً ولطيفاً ومطيعاً كطفل صغير فراقبوا ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من لا يملكه وتعلموا .
فبادر الرجال الى القول انهم سيكونون التلاميذ المخلصين لمهنة الترويض فابتسم المروض مبتهجاً ثم خاطب النمر متسائلاً بلهجة كلها سخرية واستهزاء كيف حال ضيفنا العزيز قال النمر احضر لي ما اكله فقد حان وقت طعامي فقال المروض بدهشة مصطنعة أتأمرني وانت سجيني يا لك من نمر مضحك فعليك ان تدرك اني الوحيد الذي يحق له هنا اصدار الاوامر قال النمر لا احد يأمر النمور قال المروض ولكنك الان لست نمراً انت في الغابات نمراً اما وقد صرت في القفص فأت الان مجرد عبد تمتثل للاوامر وتفعل ما أشاء واطلبه منك .
فقال النمر لن اكون عبداً لأحد قال المروض انت مرغم على اطاعتي لأني انا الذي املك الطعام قال النمر لا اريد طعامك قال المروض اذن جع كما تشاء فلن ارغمك على فعل ما لا ترغب فيه واضاف مخاطباً تلاميذه سترون كيف سيتغير فالرأس المرفوع لا يشبع معدة جائعة .
وجاع النمر وتذكر بأسىً أيام كان ينطلق كالريح دون قيود مطارداً فرائسه وفي اليوم الثاني احاط المروض وتلاميذه بقفص النمر وقال المروض ألست جائعاً فقال النمر انا جائع فضحك المروض وقال لتلاميذه ها هو قد سقط في فخ لن ينجو منه فأعطى النمر لحماً كثيراً وفي اليوم الثالث قال المروض للنمر اذا اردت طعاماً نفذ ما سأطلب منك تمنع النمر في البداية حتى وافق على شروط المروض فطلب منه أن يقف فاعتبر النمر انه طلب بسيط ولا يستحق الجوع من اجله فوقف فصاح عليه المروض بلهجة قاسية قف مرة اخرى فوقف النمر فقال المروض للتلاميذ ان النمر سيصبح بعد فترة نمر من ورق وبعد ايام جاع النمر فطلب منه المروض ان يقلد مواء القطط فتمنع النمر في البداية ثم قلد مواء القطط من اجل ان يأكل فصفق له المروض وتلاميذه وبعد ايام من التقليد للحيوانات قال المروض للنمر ان اللحم الذي تأكله له ثمن وهو الطاعة لكل ما أأمرك به بعدها قدم المروض الحشائش الى النمر كطعام له بدلاً من اللحم فصدم النمر طعمها وابتعد مشمئزاً ولكنه بسبب الجوع عاد اليها وابتدأ يستسيغ طعمها رويداً رويداً .
بعد ذلك بأيام اختفى المروض وتلاميذه واختفى النمر والقفص فصار النمر مواطناً والقفص مدينة .

المهندس هاشم نايل المجالي

hashemmajali_56@yahoo.com