لعم لمؤتمر المغتربين


مهنياً، فليس من المستحبّ الحُكم مُسبقاً ما إذا نجح مؤتمر "الأردن يجمعنا" أم لا، وهو ما زال في يومه الثالث والأخير، وهناك أوراق عمل، وهناك محاضرات وتنظيرات وشعارات تكرّرت خلال اليومين الماضيين، وسيتواصل التغنّي بها اليوم، وهكذا، فالحدث ما زال مستمراً، وينبغي الانتظار حتى الرمق الأخير، حتى البيان الختامي.
ولكنّنا، ومهنياً أيضاً، تعلّمنا أنّ المكتوب يُقرأ من عنوانه، والمؤتمرات تُفهم من سياقها، وإجابتي السريعة عن سؤالي غير المتسرّع: لَعَم، وهي تلخيص لـ"نعم" حيث نجح في الانعقاد، لمجرد الانعقاد، وتسليط العيون على قضية مهمّة، و"لا" حيث تلخيص لأنّ الهدف كان أكبر بكثير كثير من هذا الذي تابعناه.
وسأستعير من جلالة الملك قوله المتكرّر: أنا لا أريد مناسبات لالتقاط الصور، وهذه خصلة أصيلة له عرفتها من خلال وجودي في العشرات من المناسبات الملكية، والغريب أنّ الصورة الوحيدة التي بُثّت رسمياً لجلالته كانت تجمعه مع السفراء الأردنيين في الخارج، وليس من صورة له مع المغتربين الذي "جمعهم الأردن"، فهل هذه رسالة إعلامية حصيفة، ممّن نظّموا المؤتمر حيث الحكومة، وممّن وافقوا على التصوير حيث إعلام الديوان الملكي؟
ومن هنا يأتي تحليلي: فهل ما قامت الحكومة به مجرّد مناسبة للصوّر، وتجاوزت أصول المهنية أولاً، والوطنية ثانياً، وتعاملت مع الأمر باعتباره تحصيلا حاصلا، بحيث نجمع بعض المغتربين، وكلّ السفراء، والوزراء والأمناء العامين ومساعديهم، ومساعدي مساعديهم، ومن لفّ لفّ كلّ هؤلاء، ونعطيهم بطاقات مشاركة، وتلفّ كاميرات التلفزيون من فوق لتصنع مشهداً مؤثراً يبثّه التلفزيون الأردني، وكفى الله المؤمنين القتال.
تساؤلي يُكرّر نفسه، بكلمات أخرى: هل يُمكن لحدث كبير، مهمّ، مثل الذي وُعدنا به، تحت شعار عظيم :"الأردن يجمعنا" أن يُختصر بهذه السذاجة، مع معرفة أنّ حول كلّ أردني أقارب مغتربون لم تنتبه لهم رسائل الدعوات، وفي يقيننا أنّ بين ثلاثة أرباع مليون مغترب أردني في أنحاء العالم، حسب كلام وزارة الخارجية، لم تُرسل الدعوات سوى لقليل قليل القليل منهم.