إضاءة على رواية " توالي " لـ آن الصافي

اخبار البلد

 

بقلم : صابرين فرعون

تلغي الروائية آن الصافي في روايتها "توالي" الحد الفاصل بين المتخيل والواقعي في عملية سحب القارئ للمتن الأدبي وجعله محركاً أساسياً في البناء الروائي ، كشخصية مؤثِرة في صُنع الحدث ومشاركاً في تحليل البنية السردية للرواية وتجلياتها النصية وما ينبثق عنها من خطاب عقلي . 

توظف أ. آن  التخييل الأدبي كمرآة تعكس جوهر الإنسان من خلالها يرى بعينين غير عينيه ويشعر بغير حواسه بالآخر ، الذي في المرآة ، ليستطيع الحكم على التطابق أو الاختلاف بين كينونة الواقعي والمُتخيَّل وبذلك تطبيق الأمر على مدى صوابية أو خطأ الفعل الماضي وتجنب نتائج الخطأ في الحاضر والمستقبل ، فالعالم البديل المُفتقَد يزاوج بين الخيال والواقع ويتجاوز الماديات التي تسلب الروحانيات قيمتها .

ثنائية البحث في النفس البشرية والتعرف على كنه ارتباطها واعتمادها على الماديات لتحقيق الارتقاء البشري ، تقوم على التواصل الفكري بين القارئ والراوية التي حُددت هويتها الأنثى في السرد الذي أدخل النص في بعدٍ آخر وعمَّق هذا التوجه بمعادلة تبادلية تنشأ عن المتغيرات "التساؤلات والافتراضات والقالب الفانتازي" : هوية السرد وسرد الهوية ، والخروج من شرنقة الذات بناءً على التأثر والتأثير في الحوارات الحاصلة بين القارئ والراوية لنسج خيوط حبكة الرواية التي تكتبها الراوية داخل الرواية الأصلية ..  

تصنع الروائية عوالم وفضاء الرواية باعتمادها على النظريات وأهمها "الانشطار" ورسم عدة محاور للرواية والجمع بين الأحداث التي تدور في المدينة والكائنات العجائبية ذات الطبيعة الضوئية وتوظيف الخيال العلمي من خلال السفر والانتقال بين الأزمنة وكيفية التعاطي مع النمط الإنساني ..

استمدت شخوص الرواية واقعيتها من إرهاصات الذات الروائية في الواقع مع بعض التعديلات ومزاوجتها بالخيال ، فعكست التجربة دور الأنثى في الإنجاز وإثبات دورها كمنافس قوي في الإبداع الكتابي ، حيث تركت الآخر بهيئة القارئ الذي ساعد في سلاسة الحوار ورؤية الأمور بزاوية أو منظور الآخر ومشاركته في دعم إنجازها وتحقيق طموحها في إنهاء كتابة روايتها ، كما تطرقت الروائية للعلاقات الاجتماعية كمتغير يتواجه والسقف الزمني في تحقيق الطموحات العملية في خضم العمل على المُنجز الفردي داعية  لوضع مخطط ينظم الارتباطات ، فلا يؤثر أي طارئ سلباً على تحقيق الذات كما حين مرض الوالد في الأيام القليلة المنتظرة لمناقشة أطروحة الدكتوراة ما وضعها أمام قرار بنفس الاتجاه الطارئ وهو تولية القيم الفردية ودعم الأسرة في المحنة وتأجيل تحقيق أحد الطموحات ..

اجتهدت الكاتبة على تبسيط اللغة برغم رمزية الموضوع مما يتيح قراءة الرواية لشرائح نوعية وعمرية متنوعة ..

آن الصافي روائية سودانية ، حاصلة على شهادة بكالوريوس في هندسة الكمبيوتر ، وهي إعلامية ومحاضرة ومُدرِبة في مجال الإدارة و التطوير المهني الاحترافي ، منسقة ثقافية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، صدر لها ثلاث روايات ، وجميعها عن دار فضاءات للنشر والتوزيع : " فُلك الغواية" ، "جميل نادوند" ، "توالي" ، ولديها مجموعة شعرية تحت الطبع ...