فحوصات دورية لاكتشاف الأمراض المزمنة

حتى الآن ما زال الوعي الصحي عند المواطنين في أدنى درجاته؛ مما يجعل الأمور في غاية التعقيد واهمال التعامل مع أي طارىء صحي، او الاحساس
بضرورة مراجعة الطبيب للكشف المبكر عن الامراض التي تصبح مزمنة ومستفحلة ويصبح من الصعوبة بمكان علاجها او التعامل معها.
ثقافة المجتمع الاردني في هذا الصدد ان الانسان يجب ان يتفاءل، ولا يتشاءم، وان يبعد عن ذهنه حتى مجرد التفكير بامكانية اصابته بمرض السرطان او غيره، لكن الحياة العصرية، وثورة المعلومات، والتغيير على نمط الحياة والغذاء، والتقدم العلمي توجب على المواطن ان يتمتع بوعي أكبر، وان يقوم باجراء الفحوصات الدورية، وفي المقابل يجب ان تتكثف الجهود في وزارة الصحة والقطاع الخاص للتوعية في مجال الفحوصات الدورية، حيث يعتبرها بعض الأطباء نوعاً من الترف، وانه لا لزوم لها، وان تسمح شركات التأمين باجراء مثل هذه الفحوصات لكافة المشمولين بالتأمين لديها، بمعدل مرة كل عام، لأن من شأن ذلك تخفيض فاتورة العلاج اذا ما تم اكتشاف العديد من الامراض في مراحل مبكرة.
المواطن غير قادر مادياً على دفع مبالغ لهذه الفحوصات الدورية، وبالتالي فانه يجب ان يكون هناك تخفيضا مباشرا لفحوصات الأمراض الخطيرة، وللسكري والضغط والكولسترول والدهنيات، وأنواع السرطانات المختلفة سواء للرجال او النساء، وفحص مستوى فيتامين بـ 12 في الجسم.
كل الاطباء عندنا يؤكدون بأن المريض لا يدخل المستشفى الا بعد ان يكون قد قطع مراحل كثيرة ومتقدمة في المرض، وأنه لو قام بالفحص المبكر لما احتاج لاجراء عمليات جراحية، او مواجهة امراض في غاية الخطورة، وكان من السهل التعامل معها لو كان هناك الحد الأدنى من الوعي الصحي والطبي عند المواطن.
التركيز على الطب الوقائي، والوعي الصحي من شأنه توفير حياة كريمة وصحية للمواطن بدلاً من استفحال الأمراض معه.
لقد كان الاردن يعاني معاناة شديدة قبل عقود من انتشار امراض خطيرة بين الاطفال، وفي مقدمتها شلل الاطفال، والتهاب السحايا والتيفوئيد، لكن الحكومة وبالتعاون مع المنظمات الصحية وضعت خطة متكاملة لتطعيم الاطفال، وبثت برامج ولسنوات طويلة والتزمت بخطة اعلامية لتوعية كل الامهات بضرورة تطعيم الاطفال، واتخذت خطوات عملية في ذلك وفي مقدمتها تخصيص مراكز في كل المدن والقرى لتطعيم الاطفال، ومنعت قبول أي طفل في أي روضة، او في الصف الاول الابتدائي اذا لم يكن حاملاً لشهادة التطعيم.
وزارة الصحة، والجمعيات الطبية، أجرت دراسات عديدة على أسباب اصابة الاطفال بالعمى، والتخلف العقلي، والشلل والاعاقات الاخرى فوجدت ان زواج الاقارب هو السبب في ذلك، فقامت مشكورة بالزام الشباب والفتيات المقبلين على الزواج بضرورة الحصول على شهادة الفحص الطبي قبل الزواج، وركزت على أمراض بعينها ومنها التلاسيميا الذي ينتقل الى الاطفال من والدين مصابين به.
وزارة الصحة وكل المؤسسات والجمعيات المعنية بالشأن الصحي والطبي مطالبة بوضع سياسة اعلام صحي تثقيفي يركز على الطب الوقائي ورفع وتيرة الوعي الصحي عند الانسان الاردني.. وتسهيل عمليات الفحص الدوري.. وبأقل تكاليف ممكنة.