إلى روح شيخنا «والدي» أبو زنط

لم اعتد ان اتحدث علنا عن احباب فارقوا حياتنا الدنيا الى الاخرة

ولكن عقلي وقلبي واحساسي ورفقة سنوات دفعتني لمخاطبة شيخنا الجليل عبدالمنعم ابو زنط الذي ودعناه من هذه الدنيا الفانية قبل ايام.
في البدء كنت عونا لي عندما تزاملنا كنواب في مجلس النواب الرابع عشر وكنت وقتها انا نائبا للمرة الثانية في حين كنت انت النائب الاكبر ذو الخبرة النيابية والسياسية والفقهية ، بل كنت رمزا لنا جميعا ومعلما قبل ان ازاملك لاننا كنا نتابعك في اول الديمقراطية عام 1989 التي انجبت لنا اول انتخابات نزيهه ، وما زال صدى خطاباتك ومواقفك تلهم وتأسر القلوب ،كما هي استقلاليتك حتى عن حزبك انذاك تعلمنا ان قناعة السياسي وبرنامجه هي التي تحدد موقفه لا القرارات الحزبية لذلك خالفت حزب جبهة العمل الاسلامي وحجبت الثقة عن حكومة مضر بدران.
اسمح لي يا شيخنا « و يا والدي « ان اعود لزمالتك في مجلس النواب الرابع عشر والذي جمعنا تحت القبة بل كنت انا حريص على الجلوس بجانبك طوال عمر المجلس فكنا متجاورين في المقعد ومتفقين في الموقف ، وكنت اناديك يا والدي وترد حينها علي : انا والدك ولكن لن» اورثك « ولكنك يا شيخنا ورثتني حب الخير وحب الناس والاردن وفلسطين وامتنا العربية والاسلامية ، لقد ورثتني خلال جلوسي الدائم بجوارك ما هو اكبر واعظم من المال والمنافع المادية وغيرها وهو الحب للوطن والناس والاسرة والابناء والاقارب والجيران لقد ورثتني الحب يا شيخنا لان السياسي بلا حب يفقد مبادئه وانسانيته وهنا للمرة الثالثة اقصد بالحب هو حب الناس والاردن وفلسطين والامة العربية والاسلامية ، لقد ورثتني ان اقول كلمة الحق كما ورثتني الواقعية في التعامل السياسي وتقدير الظروف والمعطيات.
لم تخبرن يا شيخنا ان السياسة فن الممكن ولكنك علمتني ايضا ان السياسية هي التعبير عن المبادئ وان بوصلة المسلم هي القدس وكل مدينة عربية.
شيخنا الجليل نحن اليوم نفتقدك ولكن روحك واخلاقك وايمانك بان الامة قادرة على النهوض وتحرير فلسطين ستبقى منارة لنا تلاحقنا اذا ما انحرفنا عن الطريق الصحيح ، طريق الحرية والديمقراطية وعمل الخير وحب الوطن والاسلام.
شيخنا الجليل اتذكر جيدا خوفك علي عندما تعب « قلبي « من الهموم فقد هرعت انت والصديق عبدالكريم الدغمي بنقلي الى المستشفى وبقيتما بجانبي طوال الليل وكنا نتحدث عن المجلس وخدمة الناس والحكومة والخوف باديا على محياك على ابنك خليل الذي يرقد على سرير الشفاء.
شيخنا كنت معلما للجميع في التواضع وضبط النفقات فكان الكثير يتحدث عن ضبط النفقات ولكنك يا شيخنا طبقت هذه على نفسك عندما كنت ترفض الحصول على اعفاء جمركي لسيارتك وبقيت طوال النيابية بسيارة عادية ومتواضعة لان المظاهر عندك معدومة.
وعندما تعبت قدماك وانت نائبا وبقيت مصرا على حضور الجلسات وكان الشرف لي ان احرص على مساعدتك في التنقل تحت القبة ومكاتب المجلس عبر كرسي متحرك ولكنك يا شيخنا علمتنا درسا ان المرض يعجز امام الانسان اذا ما كان الواجب وطنيا وانسانيا ، فكان حضورك يا شيخنا تحت القبة رغم المرض قويا وموثرا ولم تتخلف عن اية جلسة او نداء وطني طيلة مرضك.
كثيرة هي المواقف والذكريات من ثقة او تصويت على موازنة او تشريعات ومناوشات بحب ولكن دائما كان قلبك ينبض بحب الاردن والملك والناس والامة ، فلك رحمة الله يا شيخنا ولنا ذكرياتك وتراثك الذي تركته لنا لنتعلم منه العطاء لشعبنا وديننا.