عطلة الجامعات: التعليم ليس أولوية!

لنحاول إحصاء المبررات التي ساقتها جامعاتنا الأردنية، تجاه قرارها تعطيل الدراسة ثلاثة أيام في كل أسبوع؛ الخميس والجمعة والسبت، والاكتفاء بالتدريس في أربعة؛ الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، بحيث يمكن للطلبة أن يدرسوا في الأيام الأربعة أو حتى في يومين منها فقط، بحسب مواعيد المواد الدراسية التي يسجلونها:
1 - توفير يوم عطلة إضافي لأعضاء الهيئات التدريسية، لممارسة البحث العلمي.
2 - توفير أجرة مواصلات يوم الخميس من وإلى الجامعة على الطلبة.
3 - عقد الامتحانات في يوم الخميس، بدل إقامتها في أوقات المحاضرات خلال أيام الدوام.
4 - تمكين الطلبة من تخصيص يوم الخميس لمواد التدريب العملي والمختبرات.
5 - مساعدة الطلبة العاملين عبر توفير يوم عطلة إضافي يعملون فيه.
يمكن ببساطة الرد على هذه المبررات الخمسة، وتفنيدها، لأنها ليست حقيقية، وليست جوهر القصة في قرار التعطيل.
هل يمكننا أن نتقبل، مثلاً، قصة البحث العلمي لأساتذة الجامعات، ونحن نعرف تمام المعرفة كم أن هذا البحث العلمي "مقطّع بعضه!" في جامعاتنا التي تفيض بـ"الكفاءات العلمية"، من دون تعميم، إلا من رحم الله؟!
وكيف يمكننا التوفيق بين مبرر توفير يوم للطلبة العاملين، وإقامة الامتحانات والمختبرات في ذلك اليوم نفسه؟ إذ كيف سيعمل الطلبة في يوم الامتحان والمختبر؟ ولماذا لا يقام الامتحان ويفتح المختبر في يوم السبت مثلاً، وهو يوم عطلة؟ وكيف سيوفر الطلبة أجرة المواصلات في يوم الخميس إذا كان سيخصص للامتحان والتدريب العملي؟ أي مبرر هو الأصدق يا ترى؟!
الأفضل من جامعاتنا المحترمة أن تقول لنا الحقيقة. والحقيقة المرّة أن "كلّه محصل بعضه!"، و"كلّه ماشي!"؛ فالمهم أن تقام المحاضرة بمجموع ثلاث ساعات في الأسبوع، وأن يمضي الطالب سنواته الدراسية الأربع أو الخمس أو الست في الجامعة، وليس المهم ماذا يجري في تلك المحاضرة، وماذا يتعلم الطالب حقاً في سنوات دراسته، وماذا يستفيد في سنواته الجامعية، وماذا يتكّون في شخصيته وأفكاره، إلا بجهد فردي وإضافي منه. المهم هو الشكل، وليس مهماً المضمون!
قرار التعطيل ثلاثة أيام من أصل سبعة، في جامعاتنا الكبرى، هو فضيحة كبرى بكل المقاييس للعملية التعليمية، لأنه يؤشر أنها ليست الأولوية بالنسبة لإدارات جامعاتنا. تُرى، لو كان قرار التعطيل فذّاً إلى هذا الحد، فلماذا غاب عن أذهان إدارات الجامعات على مرّ العقود الماضية التي تخرّج خلالها مئات الآلاف من الطلبة؟ ثم، ألم تتنبه إدارات جامعاتنا إلى أنه يمكنها بشكل أفضل توفير أجرة المواصلات على الطلبة، وإضافة يوم كسل لأساتذة الجامعات، لو قررت الاكتفاء بجعل دوامها يوماً واحداً فقط في الأسبوع؟!
هل طالعتم قائمة أفضل الجامعات في العالم، التي صدرت قبل أيام عن مركز التصنيف العالمي للجامعات (CWUR)؟ يقول الخبر: "لم تسجل الجامعات العربية أي مراكز متقدمة، إذ جاءت أربع جامعات سعودية، ومثلها مصرية، في قائمة الألف جامعة. فقد احتلت جامعة الملك سعود المركز الـ569 عالمياً، بينما ظهرت الجامعة الأميركية في بيروت في المرتبة الـ682 عالمياً والثانية عربياً. وحلّت الجامعات الأميركية في المراتب الثلاث الأُول، هارفارد أولاً، وستانفورد ثانياً، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ثالثاً، فيما حلت الجامعتان العريقتان في المملكة المتحدة؛ كامبريدج وأكسفورد، في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي".
والحال أنه لا ذكر لأي من جامعاتنا في هذه القائمة، رغم أنها تأسست قبل جامعات عربية أخرى ظهرت في التصنيف. وهذا طبيعي، إذ كيف يمكن لجامعة لا تضع العملية التعليمية على رأس سلم أولوياتها، أن تكون جامعة مميزة؟!