" التسول ألاعلامي "


يمتاز النهج الاعلامي في العالم بمزاياه الاربعة والهامة والتي لها من التأثير الواضح والهام جدا على طبيعة نظرة المواطن لما يعاصره من واقع ومن مؤثرات خارجية وداخلية , فطريقة تعاطي القاريء او السامع او المشاهد لمنافذ ومزايا الاعلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الفكرية تعتبر المحدد الرئيسي لسلوكيات الفرد والجماعة وكذلك تعتبر المحرك الهام لكيفية تعايش الافراد ببلدانهم , اما اذا اصيبت مزايا الاعلام تلك بما يسمى بفايروس التسول فان النتائج السلبية ستكون حتمية الوقوع على المواطن والارض والدولة وكذلك ستغير من مفهوم التماسك المجتمعي وستؤدي لولادة عصر جديد من الاعلام الزائف والرخيص و الذي لاقيمة له , فما نشاهده اليوم ببعض الفضائيات والصحافة بمختلف انواعها يكرس مفهوم الفساد الاعلامي الذي يبدأ بالزيف والخداع في كثيرا من القضايا حتى يكاد ان يتساوى مع صور التسول التي ماعاد الشارع فقط هو حكرا لها , حيث اصبحنا نرى تحولات غريبة بافكار بعض الكتاب وتخليهم عن مرتكزات الاعلام وانشغالهم بتبرير الاخطاء والممارسات اللامسئولة للكثير من الشخصيات وحتى الممارسات الاجتماعية التي لها تاثير واضح على المجتمع , وهذه السلوكيات الاعلامية عمقت الفوارق بين ماهو حقيقة واقعة وبين مايتم صناعته من مستجدات لا علاقة لها بجوهر التطور والتغيير وعلى جميع المستويات , ففي الاقتصاد على سبيل المثال نعاصر اليوم جيلا من الكتاب يروج لسياسات مفروضة علينا بالقوة ويستثني من ذلك التبرير مصالح البلاد المستقبلية التي تؤهله فيما بعد للاعتماد على الذات وبناء مقدراته وامكاناته بشكل مستقل , وكذلك مانتلمسه اليوم من الاعلام الاجتماعي الذي غالبا ما يوطد المصلحة الفردية للافراد على مصالح المنظومة المتكاملة للمجتمع فتراه يركز على سلوكيات ليس لها مخزون ثقافي وعقائدي بمجتمعاتنا ويحاول تسويقها وفرضها بالتوازي مع مايطبق بالغرب حيث يؤدي ذلك لتشوه كبير بسلوك اجيالنا القادمة او مايعاصرها في الوقت الراهن , فترى بعض الاعلاميين من خلال كتاباتهم يستميتون ويحاربون اغلبية المجتمع عندما يدافعون عن شخصية معينة كان لها باغلب الاوقات انعكاسات قاتلة على سير حياة المواطن ومقدرات البلاد . 
والاعلام السياسي البحت ليس ببعيد عن اولئك المتسولون حيث اخذ البعض منهم على عاتقه الدفاع المستمر عن قضايا سياسية اما انها تخدم شعوبا اخرى (كما نراها واضحة المعالم ببعض فنون المسرح والمسلسلات التلفزيونية عندما تمهد لدمج اليهود كشعب معتدل وذو نوايا طيبة تجاه الاخرين) او انها تبرر السياسات الخاطئة للدول عندما تتخذ مواقفا بعيدة كل البعد عن الالتزامات الدينية منها والعقائدية التي رسمت ملامح تاريخنا ومجدنا العتيد , وبكلتا الحالتين السابقتين يتم تشتيت افكار المتابعين بمختلف انواعهم , حتى انه يصبح عنصرا هاما بتغيير الافكار الموروثة منها والمغروسة والتي بنيت على مدار عقود مضت , فعندما يبيع الاعلامي صوتة وقلمه لاسترضاء ماء بنفسه فلا شك انه يقبض الثمن ويتجرد من الاحترام والكرامة ويفقد مكانته لدى الاخرين من صنفه ككاتب ومن غيرة كمتابع , فاذا مالفرق بين من يتسول في الشارع لكسب المال ومن يقابله في الاعلام لتغيير الواقع؟!! ففي الحالتين هناك كسب ولكن مايؤسفنا انه كسسب لامشروع ! ففي الاول يكون الكسب مالي صرف تضيع فيه الكرامة لمن يتخذونه مهنة في الشارع , اما الثاني فهو اخطر بكثير على المجتمع والمواطن لان فيه شراء للذمم والضمائر وتغيير للحقائق مقابل المال احيانا والمصلحة أومكانة و منصب ينشده الاعلامي المتسول ! واخيرا كلنا ثقة بأن الاعلام الوطني الذي اساسه الشفافية والوطنية وعدم الانحياز للسياسات والممارسات المزيفة والخاطئة مازال موجودا ولن ينتهي وان ما يصيبنا من امراض اعلامية لابد ان يأتيها يوما وتعود لمساراتها الصحيحة ...........