وزير الداخلية وروحانيات التوقيف والافراج الاداري

 اخبار البلد- فايز شبيكات الدعجه 


على نحو مفاجئ ، وبقدرة قادر قررت وزارة الداخلية تحويل مئات الأشرار إلى مواطنين أسوياء ، وأفرجت عنهم ليلة العيد ، لأنهم من وجهة نظرها (غير خطرين )، بعد ان كانوا حتى لحظة الإفراج - ومن وجهة نظرها أيضا - أشخاصا (مجرمين ) يشكل وجودهم خارج السجون خطرا على امن وسلامة المجتمع.
المسألة هنا واضحة العيوب وخاضعة لرقابة النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان ....فإما ان يكون هناك خطأ في الإفراج او ان الخطأ في التوقيف . لأن حجز حرية الأشخاص ثم الإفراج عنهم ليست هدية عيد او منّه ومنحة يجري دسها في سياق غفران أنساني سلطوي غريب ، يتجافي مع ابسط قواعد العدل والحرية وأصول الحكم الرشيد.
قيل في المناسبة (في خطوة تحمل ارقي معاني الإنسانية والروحانية بختام الشهر الفضيل، وبإيعاز من وزير الداخلية سلامة حماد تم الإفراج عن المئات من الموقوفين إداريا بمناسبة عيد الفطر السعيد( . ،واستوجبت الخطوة الراقية استحضار سؤالين هامين يمكن إدماجهما بسؤال واحد بسيط (كيف يتم إطلاق سراح مجرمين خطرين او كيف يسجن أشخاص أسوياء أبرياء ؟ ).
لسنا بصدد مناقشة علاقة وزير الداخلية بالروحانيات ، او حتى قانون منع الجرائم الذي اقر في عام 1954 والتعديلات التي أجريت عليه حسب نظام التشكيلات الإدارية في نظام رقم 47 لسنة 2000 الصادر بمقتضى المادة 120 من الدستور الأردني ، والذي لم يرتق الى المستوى المطلوب الذي نادى به قانونيون وناشطون حقوقيون ، لما يخوله للحاكم الإداري من صلاحيات واسعة غير منضبطة مكنت الحكام الإداريين من توقيف هؤلاء السجناء ثم الإفراج الروحاني عنهم ليلة العيد.
عملية التوقيف برمتها كانت مبنية على الاحتمال والشك والصلاحيات المطلقة والمفتوحة دون رقابة عليها ، فنصوص القانون تقوم على عبارات مبهمة وتقديرية من مثل «اذا اقتنع المتصرف/ المادة 9»، ويجوز للمتصرف/ 7 المادة، «واذا كان لديه ما يحمله على الاعتقاد/ المادة 3»، «واذا ارتأى المتصرف/ المادة 12.
وتظهر إحصائيات المركز الوطني لحقوق الإنسان ان عدد الأشخاص الموقوفين إداريا خلال الأعوام عام 2013وحتى 30 حزيران 2014 بلغ 12766 موقوفا.جرى حبسهم على الظن والتشكيك.
هذا كثير . ومعالي وزير الداخلية يعلم ان صناعة اغلب قرارات التوقيف تجري في دوائر الأمن ويتخذها الحاكم الإداري دون تحقيق او تدقيق، بل قد تبلغ درجات متناهية من الشطط واللامعقول كما حدث عام 2009 عندما صدرت مذكرات توقيف إدارية بحق (32) عاملا خلال فترة اعتصام الموانئ،، ومن بينهم الناطق الرسمي باسم لجنة عمال الموانئ بتهمة التشهير وقد تم إطلاق سراحهم بنفس اليوم.
يبقى السؤال الأكثر أهمية وإلحاح :- هل هناك ما يدل على ان قانون منع الجرائم يسهم فعلا في منع وقوع الجرائم ؟.....شخصيا وبعد أكثر من ثلاثة عقود من العمل في مجال مكافحة الجريمة ...لا أظن.