إحــصـــاءات أردنــيـــــة ..!

عندما نقرأ أن أهالي الأردن طبخوا 13 مليون دجاجة في شهر واحد، يخطر ببالنا أن نسأل طيب وكم عنزة وخروف وبقرة أكلنا ..؟ طبعا لن نسأل عن مصداقية مصدر الإحصائية ، لكننا نعرف بيننا وبين أنفسنا أن الحاويات امتلأت بالأطعمة الزائدة عن حاجات الأردنيين الذين لا يقنعهم غير منظر المناسف، وأن ثقافة التباهي بالدعوات وتلال الأطعمة تغلغلت في جيناتنا ..! ليس هذا هو المقصود بهذا العنوان، فقط أريد أن أستهجن أن تكون الإحصاءات التي تتناول المجتمع الأردني منصبة على الأطعمة، كم مليون رغيف استهلكنا في رمضان وكم دجاجة وكم صرفنا على حلويات العيد ..؟

وكأننا شعب لا يقوم إلا بالطبخ والأكل، ونحن الشعب الذي فتح أبوابه للملايين من المهاجرين من الأشقاء، وقاسمناهم الماء والطعام وفرص العمل والبيوت، وأجلسنا أبناءهم على مقاعد الدراسة مع أبنائنا ..هذه هي الإحصاءات التي أتمنى أن نذكرّ فيها العالم كله، وننشرها في كل مكان تصله آذان العالم بكل لغاته . أتمنى أن أقرأ إحصاءات أردنية عن عدد الطلبة الذين يدخلون المدارس هذا العام الجديد، وعن عدد الطلبة الذين ينتظرون الدخول إلى الجامعات والمعاهد، وعن عدد المرضى الذين عالجتهم الكوادر الطبية الأردنية المتميزة ..ومع أنني شديدة التفاؤل وأريد أن أقرأ في كل مواقعنا الإعلامية عن نجاحاتنا وهي مفخرة لنا، لكنني بالمقابل أتساءل عن الإحصاءات الآتية : - كم أردني يرسم الكشرة على جبينه مع طلوع الشمس..؟ - وكم أردني يقطع الإشارة الحمراء بلا حسيب ولا رقيب ولا خوف من الكاميرات " ما غيرها " التي طبلنا لها وزمرنا..؟ - وكم أردني جالس الآن مع أسرته ومشغول بهاتفه النقال وهو يضحك بصوت مرتفع مع فيديوهات " الواتس آب " وتقابله زوجته وكل ابن وابنة من عائلته وكل منهم يحملق في جهاز الهاتف الذكي ويضحك وحده ..؟ وكأن الحديث بينهم ممنوع بالثلاثة ..! - كم أردني من أهالي المفرق والزرقاء وإربد ألقى النفايات في الأسواق بكل عنجهية، وحولّ هذه المدن التي كانت نظيفة إلى مكبّ للنفايات ..؟ بصراحة فإن الشعب الأردني بدأ يحب ثقافة الإحصاءات، ولكنه لا يفكر بلغة الأرقام ولا يحبها .. وكأن كل ما يهمه أن يأكل ملايين الأرغفة والملايين من طيور الدجاج المحمر وغير المحمر..! على وسائل الإعلام أن تجعلنا نحب الإحصاءات، ودعونا نتصورّ وسائل الإعلام الألمانية مثلا ماذا تنشر من إحصاءات عن الشعب الألماني، فقط قارنوا وتذكروني..!