ازمة جديدة بين الحكومة والاخوان.. تمردات 'شبابية' داخل المعارضة الاسلامية
اخبار البلد- بسام بدارين - الاخراج السينمائي لازمة الاعتصامات والحراك السياسي في الاردن دفع بعض السياسيين والنشطاء وفي سياق فهم الازمة الحالية بين الحكومة والاسلاميين لطرح السؤال التالي: هل غيّر الاخوان المسلمون لغتهم بحيث اصبح الاردن بالنسبة لهم 'ساحة' ولم يعد وطنا؟
الحكومة من جانبها، وتحديدا الحالية، يطربها طرح هذا السؤال لان المجد الوحيد الذي تؤسس عليه منجزها هو التناقض مع الاسلاميين واتهامهم بين الحين والآخر بالكثير من التهم المعلبة، وهي تهم يقول القيادي الاخواني البارز زكي بني ارشيد لـ'القدس العربي' انها لم تعد تقنع طفلا.
والعادلون في التقييم والتحليل يبحثون عبر التيار الاسلامي وقادته ورموزه عن اجابات مقنعة على بعض التساؤلات الحيوية التي اصبحت مطروحة في الشارع خصوصا فيما يتعلق بمقدرة القيادات التاريخية في الصف الاخواني على التحكم والسيطرة فعلا في هذه المرحلة على قواعد التنظيم خصوصا الشابة التي سعت لتقليد حراك الشباب في الشارع العربي او حتى سعت للاستئثار به، كما قالت حركة جايين الشبابية.
ويساهم عدم وجود اجابات مقنعة على تساؤلات معلقة في زيادة رقعة المرتابين بأجندة التيار الاسلامي، فيما تبدو الحكومة ومن خلفها بعض السلطات مستعدة لتغذية اي مشاعر سلبية يمكن ان تتشكل وفي اي مكان ضد الحركة الاسلامية.
وتفعل الحكومة ذلك ليس فقط نكاية بحضور الاسلاميين القوي في المشهد السياسي المحلي، ولكن ايضا لان تراجع دور القيادات التاريخية في الحركة يساعد في توفير ورقة تستخدمها الحكومة كذريعة لتبطيء الاصلاحات او مراوغة غطائها السياسي ولكن ايضا لتضليل مطبخ القرار وخلق ايحاء موسمي وتقليدي يقول بأن الاصلاح الحقيقي بوجود الاسلاميين وحلفائهم في حركة حماس سيقوض النظام ويضع البلاد في احضان التيار الاخواني.
وتلك فرضية سياسية قديمة تتجدد كلما دعت الحاجة لمماطلة الاصلاحيين او التهرب من استحقاقات الاصلاح الحقيقية، مع ان بروز اكثر من رأي وتصريح وتعليق غير منسق بين الحين والآخر من قادة الحركة الاسلامية يغذي بدوره التساؤلات العالقة في كل مكان.
ويحصل ذلك فيما لا تتحدث الدوائر الرسمية عن اي دراسة حول طبيعة القوى التي يمكن ان تملأ فراغ الاسلاميين في حال استمرار الضغط عليهم، فأي مساحة يخسرها الاسلامي المعتدل والمجرب الذي يعتبر نفسه دوما حلقة من حلقات النظام لن تكسبها الحكومة، كما يلاحظ الدكتور عبد اللطيف عربيات وهو يحذر من اي مشاريع عبثية لخلق انقسام في صفوف الحركة الاسلامية العريقة.
والاسلاميون بكل الاحوال ومهما كانت اوراقهم مخلوطة قليلا لا يمكنهم ان يشكلوا العائق امام الاصلاح الحقيقي الذي تغيب عنه الارادة السياسية حتى اليوم لاسباب غامضة، فهم يعتبرون انفسهم ضحايا غياب ارادة الاصلاح، كما يرى الشيخ زكي بني ارشيد احد اهم وانشط قادتهم.
وفي السياق ثمة من يقول بأن انزياح بعض قادة التيار الاسلامي للتصرف والتفكير على اساس الساحة وليس الوطن مرده الخيبات المتتالية التي مني بها المعتدلون في الحركة اعتبارا من عام 2007 حيث شهدت البلاد عملية تزوير كبيرة في الانتخابات البلدية والبرلمانية في عهد حكومة معروف البخيت الاولى واستهدفت بصورة اساسية الاسلاميين وتحديدا المعتدلين.
وهذه العملية التي رافقتها سيطرة الحكومة على جمعية المركز وهي الجمعية الام والاهم للاخوان المسلمين، اخرجت قيادات الاعتدال من مستوى القرار المركزي وخذلتهم امام القواعد الشابة، الامر الذي انتهى كما يقدر بعض الخبراء بتمردات خفيفة تفاعلت منذ عام 2007 على القيادة الكلاسيكية.
ويعني ذلك بلغة التحليل ان بروز اتجاه داخل التنظيم الاسلامي يتعامل مع المعادلة كساحة هو نتيجة حتمية وموضوعية لسياسات الحكومة العقيمة التي همشت المعتدلين وعزلت نصف المعتدلين فانتهى الامر بتغيرات جذرية في اتجاهات القطاع الشاب في الاخوان المسلمين عبر عن نفسه في التشبيك مع حركات اليسار الشبابية وانتاج مشهد دوار الداخلية الشهير.