دولة الرئيس.. الكردي مؤهل ويرفع عنك الحرج


بصرف النظر عن صحة ما يقال من أن تعيين مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحالي ما كان ليحدث لولا الدعم الذي يتلقاه من شخصيات نافذة في الدولة، فإن الجدل قد ثار وانتهى ولا يبدو أنه سيتوقف قريباً خاصة في ظل تغييرات ادارية مرتقبة في المؤسسة، فلم يشفع للرجل خدمة بلغت خمسة وثلاثون سنة فيها، تسلم خلالها عدة مناصب ادارية كانت آخرها مدير الإذاعة الأردنية ومن بعدها مدير محطة التلفزيون كي يسلم من تساؤلات حول أحقيته في منصب المدير العام، تساؤلات زادت من تحفظات الناس على سياسات الحكومة الحالية وإجراءاتها.
بيد أن الأوان لم يفت بعد، وما يزال أمام رئيس الوزراء فرصة كبيرة لدرء هذه التهمة عن الحكومة، وأعني تهمة الواسطة في تعيين المدير العام، والفرصة المتاحة هي منصب مدير محطة التلفزيون الشاغر، والذي يدور حديث حول أن ذات المنطق الذي تم بموجبه تعيين المدير العام سيتم به تعيين مدير التلفزيون حتى مع سابقة في الاعلان عن شغور المنصب للراغبين بالتقدم له، حيث يسود انطباع عام في الوسط الاعلامي بشكل عام وبين موظفي مؤسسة الاذاعة والتلفزيون بشكل خاص بأن هذا الاجراء شكلي لـ "تجميل" عملية اختيار المدير القادم للتلفزيون والذي يقال أنه تلقى تطمينات بتعيينه في المنصب في أعقاب تعيين السيد محمد الطراونة مديراً عاماً للمؤسسة.
إلا أن هذا الكلام يظل غير مؤكد حيث أن الإشاعات تكثر في كل مناسبة مشابهة وتبدأ بورصة الأسماء بالتداول ليستقر الأمر على واحد منها، ولذلك فإن الفرصة متاحة أمام الحكومة ورئيسها الآن كي تدرء عن نفسها تهمة المحسوبية في تعيين مدير التلفزيون، من خلال تعيين شخص مؤهل وغير محسوب على أي من الجهات التي تحكم عملية اختيار غالبية المناصب العامة، وفي الوقت ذاته ولديه المؤهلات اللازمة لتطوير أداء التلفزيون الذي يواجه انحداراً متواصلاً منذ عدة سنوات، وهذه المتطلبات برأيي موجودة في رجل عرفته منذ عدة سنوات ـ ولا أقول أنها لا تتوفر في غيره ـ إنما حين تم الاعلان عن الوظيفة قفز اسمه لرأسي فوراً، وأظن أنه إن كانت لا تزال هناك إرادة حقيقة للحفاظ على التاريخ العريق للتلفزيون الأردني فيجب أن يعهد إلى الرجل بمهمة إعادة البريق إليه وهو قادر على ذلك.
حسن الكردي مذيع الأخبار في التلفزيون الأردني يعمل في المؤسسة منذ حوالي 25 سنة هو شخص غير محسوب علي أي طرف في الأردن، لا جهوي ولا عشائري ولا مناطقي، ومعروف عنه أصلاً بغضه للجهوية والمناطقية، غير أن هذا لا يكفي لتعيينة مديراً للتلفزيون، لكنه أيضاً يتمتع بثقافة عالية جداً واطلاع واسع وفكر متقدم، كما أنه يتمتع بخبرة طويلة في العمل الإعلامي جزء منها كان في مؤسسات ومحطات تلفزيونية عربية عريقة ولها اسمها الكبير، كما أن له الفضل في تأسيس دائرة أخبار إحدى أهم الاذاعات المحلية، وهو بشهادة الجميع المذيع رقم (1) في أخبار التلفزيون الأردني وأحد أكفأ المذيعين في المؤسسة بشكل عام.
الأهم من ذلك كله أن الرجل يتمتع بشخصية صارمة، فهو لا يجامل على حساب العمل والمهنية والأداء، ولديه قدرة عجيبة على فصل العلاقات الشخصية عن العمل، وهي صفة نادرة في عالمنا العربي، وهي من شأنها أن تساعده على تطوير أداء التلفزيون الأردني الذي يعاني من ترهل كبير وتدني مستوى بعض العاملين فيه، نتيجة المحسوبيات والواسطات التي تغلغلت فيه، وقد يعاب عليه أنه غير اجتماعي وليست لديه الكثير من الصداقات لكنه برأيي سبب آخر لضرورة تعيينه، حيث أنه لن يكون مضطراً لمجاملة أصدقائه وأقاربه على حساب مستوى الشاشة.
أعلم أنه سيخرج من سيقول أنني أروج لصديق وأحاول تلميعه، لكن جلسة قصيرة مع الرجل ستجعل من يقول هذا الكلام يغير رأيه فوراً، فمن يتعرف إلى الرجل يدرك عمق تفكيره وسعة أفقه والإمكانات العالية التي يتمتع بها في شتى مجال العمل الإعلامي وبخاصة التلفزيونية منها، وهو فرصة كبيرة أمام صاحب القرار ليدرء عن نفسه تهمة المحسوبية في التعيينات باعتبار الكردي ليس محسوباً على أي من المسؤولين، والأهم أن كما ذكرنا سابقاً يملك من المؤهلات والخبرات والصفات الشخصية ما يجعله قادرا على إعادة ولو بعض بريق تلفزيوننا المفقود.