يكفينا حوادث سير


الحديث عن حوادث السير وهذا الزخم والتسبب به لا يحتاج مناسبة, لأن تكرار الحوادث أضحى أمراً يومياً, اعتاد المواطنون الخوض فيه لوقت قصير, لا يلبث بعدها أن يتلاشى عند وقوع حادثة أكبر, توقع مزيداً من الضحايا الذين لا ذنب لهم إلا اعتمادهم علىسواقتهم او المواصلات العامة, وتسليم أمر غايتهم لسائق أرعن, لا يخشى رقيباً أو حسيباً ,مقتنعاً بمقدراته على تجاوز المخالفات بطرائقه البدائية التي تكلفه بعضاً من دخله القليل.. وتنتهي الأحاديث المتشابهة بطريقة أقرب إلى التسليم بالقضاء الذي لا مرد له,
وكان الامر لايتعلق الا بالمواطن وان دور الحكومه الجباية فقط وان تعتاش على المركباات (كروكه مخالفات هيئت لها مايلزم من عمليات رصد وكاميرات ورادارات وشرطه سير ومباحث مروريه ودوريات خارجية وسيارات الامانات وكاميراتها الى تراخيص ....ولم تفطن لطبيعه شوارعنا والتعدي عليها بالسرادقات ومخلفات العمار والرمال والاتربه ومقاييس السرعه التي تبدل الزمن والحال وظلت على ماهي عليه ومزاجيه شرطي السير الذي يحول باصبعه السير كما يحلو له والاختناقات المروريه التي لم تجد حلا الخ وظل السائق هو الارعن والمسرع والمخطئ والمخالف ولعين الوالدين
وكأن الأساليب الوقائية عدمت, والإجراءات الاحترازية انتهت, ولا وجود أبداً لحلول معقولة.. والحقيقة أن العوامل المؤثرة في زيادة أعداد الحوادث لدينا, أسهمت في فرض حالة من الإحباط لدى مواطنينا, بحيث بدؤوا يضجرون المراجعات والشكاوى أمام عدم استجابة ذوي الشأن وأصحاب الحل والربط.
ولا أعتقد أن مالاً يمكن أن يعوض فقد غال في حادث سير, أو تصادم ناتج عن سوء تقدير في سرعة المركبة, إضافة إلى سوء تنفيذ الطرقات والبنى التحتية الأساسية, وفوق هذا كله يقف سوء الاستخدام لهذه العوامل جميعاً, دون أية ضوابط أو دوافع من حس المسؤولية يتقاسمها كل من السائق والمشرع والمراقب والشرطي والمهندس والمنفذ والمشرف الذي أقر الخطأ موافقاً مسبقاً على حصوله, متجاهلاً نتائجه الكارثية.
ولكن مع بدء سريان مفعول قانون جديد للمروروالمتجدد باستمرار وزخم والكاميراتوتعدد الجهات المنفذة لقوانين وغير قوانين , لابد من طرح تساؤلات حول مدى انعكاس تطبيق ذلك القانون على حياتنا العامة? وكم يلزم من الوقت للوصول إلى مرحلة الالتزام الطوعي بتطبيق قواعد السير والمرور, ودون الحاجة إلى رادع, أو الخوف من غرامة أو عقوبة? ‏
وكيف يمكن أن يقوم المشرفون على تطبيق القانون , بتنفيذ مواده وآليات عمله دون وجود اجتهادات أو تباينات تميز بين أنواع المركبات وصفات راكبيها ومواصفات الجهات المالكة لها? ‏
وأخيراً هل امتلكنا البنية الأساسية والشروط الموضوعية لتنفيذ قانون سير حضاري يحافظ على حياة البشر وممتلكاتهم وارواحهم , ويحد من وقوع ضحايا وخسائر
, من خلال اعادة التظر بالقوانين والتعليمات والتعاميم والاجرات والظرف والمكان والزم وازدياد اعداد المركبات والتوسع العمراني و تدريب الشطي المنفذ و السائق بالالتزام و بحدود السرعة, وأماكن السير, واتجاهات الحركة, وتأمين الطريق السليم, المجهز بعلامات وإشارات المرور واللوحات الإرشادية, بعد تنفيذ الطرقات وفقاً للمواصفات المناسبة لسير المركبات عليها, بما يمكن بعدها من وضع آليات تنفيذية لاستغلال المركبات والطرقات بصورة تمنع حصول حوادث نتيجة أخطاء المستخدمين. ‏
أقول والغصة تضغط على حلقي ما يعرفه جميع مواطنينا, بأن واقع الحال صعب, وهو معاكس لكل ما ذهبت إليه وصفاً, ولكن هذا لا يستدعي التسليم والعجز. ‏
فما أريده من الإشارة إلى كل تلك المعوقات, هو أن بإمكاننا أن نبدأ بتحديد دوائر أولية, تكون مجالاً لاختبارات عملية, لسياسة مرورية صحيحة وان نحسن ونطور البنى التحتية للشوارع وان نعيد دراسه الاشارات والارمات ومعدل السرعه , وبعدها نوسع الدائرة لتشمل جميع حدود بلدنا, من التركيز على التواصل المروري المستمر عبر الإذاعة المسموعة دوماً لدى جميع سائقينا. ‏