مفاجاة امنية سارة في معان
ما إن انتهيت من قراءة خبر عودة رجال الشرطة ورقباء السير إلى شوارع مدينة معان، حتى وجدت نفسي مضطرا للانحناء إجلالا وإكبارا لهذا القرار الأمني الجريء، الذي وصف بأنه مشهد لم يألفه الأهالي في السنوات الأخيرة، وكان بمثابة مفاجأة سارة عندما شاهدوا انتشار رقباء سير ودوريات أمنية في شوارع المدينة وعلى أرض الواقع يعمدون على تطبيق القانون.
كان القرار سارا ومفاجأ بالفعل، وأزال حالة الفوبيا الأمنية من دخول قصبة المدينة وكسر حاجز الخوف ، ويسجل لوزير الداخلية ومدير الأمن العام هذا الانجاز الوطني الكبير في مستهل تولي المسؤولية الجديدة .
المؤكد ان القرار قد درس بعناية وعمق ، لتجنب التعرض لذاك السيناريو الأسود المعتاد الذي تسبب بفرار قوات الأمن من المدينة منذ سنوات ، وتركها مرتعا خصبا للمجرمين والمتطرفين والخارجين عن القانون . وقد أكد مدير شرطة ألمحافظه العقيد عمر الخضير هذه الحقيقة قائلا (إن الأجهزة الأمنية كانت تنتشر فقط في بقية ألوية معان دون القصبة قبل زيارة وزير الداخلية، حيث لم تكن تتدخل إلا عند الحاجة ووقوع الحوادث.( وقوله صحيح ، لكن الزيارة جاءت فيما نعتقد تتويجا لاستعدادات وتحضيرات مسبقة لمخطط محكم لإعادة إدخال المدينة تحت المضلة الأمنية كباقي مدن المملكة .
يجب ان ينجح القرار ، ونحن نحبس الأنفاس بانتظار رد الفعل والخوف من وقوع المحاذير ، لأن المشكلة كان يثيرها الحاقدون والمجرمون والمتمردون على سلطة الدولة ، ولم تكن في يوم من الأيام مع أهالي مدينة معان الكرام .
التراجع ممنوع ، والفشل لا قدر الله يعني ان العملية كانت عبارة عن مغامرة ارتجالية أجريت بصورة عشوائية لم توفر الضمانات والاحتياطات اللازمة لتنفيذها بنجاح ، وستؤدي الى هزيمة أمنية محققة تزيد المعضلة المعانية تعقيدا ، ولن يعود الأمن للمدينة إلى يوم الدين .
نتفاءل بهذه الخطوة المباركة لكن بحذر شديد ، استنادا للاستقراءات الأمنية للأحداث الدموية المريرة التي شهدتها المدينة منذ عقود، ونظن ان القرار كان بمثابة تجربة نهارية جزئية لجس النبض ، وللتخلص من حالة الرهاب الشرطي تمهيدا لبسط الأمن وإعادة المركز الأمني ، ومقدمة لتفعيل أجهزة مكافحة الجريمة العاملة فيه ، وخاصة النجدة والبحث الجنائي والأمن الوقائي والمخدرات .